الغد والذي يليه حتى الجمعة الأخرى" بضم ميم مطرنا مبنيًا للمفعول، "ويومنا" منصوب على الظرفية يعني في يومنا، وكلمة (من) في قوله: "من الغد" إما بمعنى (في) أي: في الغد، وإما تبعيضية. "وحتى الجمعة" يجوز فيها الحركات الثلاث كما في أكلت السمكة حتى رأسِها.
وفي رواية شريك الآتية "ما رأينا الشمس سبتًا" وهو كناية عن استمرار الغيم الماطر، وهذا في الغالب وإلا فقد يستمر المطر والشمس بادية، وقد تحجب الشمس بغير مطر ورواية الباب أصرح من هذه.
وقوله: "سبتاً" هو رواية الأكثر والمراد به أحد الأيام والمراد به الأسبوع، وهو من تسمية الشيء باسم بعضه كما يقال جمعة، ويقال أراد قطعة من الزمان.
وقال الزين بن المنير: قوله: "سبتًا" أي: من السبت إلى السبت أي جمعة.
وقال المحب الطبري مثله، وزاد أن فيه تجوّزًا لأن السبت لم يكن مبدأ ولا الثاني منتهى وإنما عبر أنس بذلك؛ لأنه كان من الأنصار وكانوا قد جاوروا اليهود فأخذوا بكثير من اصطلاحهم، وإنما سموا الأسبوع سبتًا؛ لأنه أعظم الأيام عند اليهود كما أن الجمعة عند المسلمين كذلك.
وحكى النووي تبعًا لغيره كثابت في الدلائل أن المراد بقوله: "سبتًا" قطعة من الزمان، ولفظ ثابت يقولون معناه من سبت إلى سبت وإنما السبت قطعة من الزمان، وأن الداودي رواه بلفظ "ستًا" وهو تصحيف، وتعقب بأن الداودي لم ينفرد بذلك.
ففي رواية الحموي والمستملي هنا "ستًا"، وكذا رواه سعيد بن منصور عن الدراوردي عن شريك، ووافقه أحمد من رواية ثابت عن أنس، وكان من ادّعى أنه تصحيف استبعاد اجتماع قوله: "ستًا" مع قوله في رواية إسماعيل بن جعفر الآتية سبعًا وليس بمستبعد؛ لأن مَنْ قال: "ستًا" أراد ستة أيام تامة ومَنْ قال سبعًا أضاف أيضًا يومًا ملفقًا من الجمعتين.
وفي رواية للنسفي فدامت جمعة، وفي رواية عبدوس والقابسي فيما حكاه عياض سبتنا كما يقال جمعتنا. ووهم من عزى هذه الرواية لأبي ذر وفي رواية قتادة الآتية "فمطرنا فما كدنا نصل إلى منازلنا" أي: من كثرة المطر.
وفي رواية "فخرجنا نخوض الماء حتى أتينا منازلنا" ولمسلم من رواية ثابت "فأمطرنا حتى رأيت الرجل تهمه نفسه أن يأتي أهله". ولابن خزيمة في رواية حميد "حتى أهم الشاب القريب الدار الرجوع إلى أهله". وللمصنف في "الأدب" عن قتادة "حتى سالت مثاعب المدينة" ومثاعب جمع مثعب بالمثلثة وآخره موحدة مسيل ماء.
وقوله: "وقام ذلك الأعرابي أو قال". وفي رواية شريك الآتية "ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة"، وظاهر هذه الرواية أنه غير الأول؛ لأن النكرة إذا تكررت دلت على التعدد.