للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال شريك في آخر حديثه سألت أنسًا: أهو الرجل الأول؟ قال: لا أدري. وهذا يقتضي أنه لم يجزم بالتغاير فالظاهر أن القاعدة المذكورة كانت أغلبية؛ لأن أنسًا كان من أهل اللسان. وقد تعددت ورواية الباب ومثلها رواية قتادة في "الأدب" تقتضي أنه كان يشك فيه، وسيأتي في "الاستسقاء" من رواية يحيى بن سعيد "فأتى الرجل فقال: يا رسول الله". ومثله لأبي عوانة عن أنسر بلفظ فما زلنا نمطر حتى جاء ذلك الأعرابي في الجمعة الأخرى". وأصله في "مسلم" وهذا يقتضي الجزم بكونه واحدًا، فلعل أنسًا تذكره بعد أن نسيه أو نسيه بعد أن كان تذكره.

ويؤيد ذلك رواية البيهقي في "الدلائل" عن يزيد أن عبيدًا السلمي قال: لما قفل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من غزوة تبوك أتاه وفد بني فزارة وفيه خارجة بن حصن أخو عيينة بن حصن قدموا على إبل عجاف فقالوا: يا رسول الله أدعُ لنا ربك أن يغيثنا" فذكر الحديث وفيه: "اللهمّ اسقِ بلدَكَ وبهيمتَكَ وانشرْ بركتَكَ، اللهمّ اسقِنا غيثًا مغيثًا مريئًا مريعًا طبقًا واسعًا عاجلًا غير آجل نافعًا غير ضار، اللهمّ سقيا رحمةٍ لا سقيا عذاب، اللهمّ اسقنا الغيثَ وانصرنا على الأعداءِ". وفيه: "فقال: واللهِ ما نرى في السماء من قَزَعَةٍ ولا سحاب، وما بين المسجدِ وسَلْعٍ من بناءٍ" فذكر نحو حديث أنس بتمامه. وفيه قال الرجل يعني الذي سأله أن يستسقي لهم: "هلكتِ الأموالُ" الحديث.

والظاهر أن السائل هو خارجة المذكور؛ لكونه كان كبير الوفد ولذلك سمي من بينهم، وأفادت هذه الرواية صفة الدعاء المذكور والوقت الذي وقع فيه الدعاء.

وقوله: "فقال: يا رسولَ اللهِ تهدَّمَ البناءُ وغرقَ المال فادعُ اللهَ لنا فرفعَ يديهِ" وفي رواية حميد عند ابن خزيمة "واحتبسَ الركبانُ".

وفي رواية شريك الآتية "هلكتِ الأموالُ وانقطعتِ السبلُ" أي بسبب غير السبب الأول، والمراد أن كثرة الماء انقطع المرعى بسببها فهلكت المواشي من عدم الرعي؛ أو لعدم ما يكنها من المطر.

ويدل على ذلك قوله في رواية شريك عند النسائي "من كثرة الماء"، وأما انقطاع السبل، فلتعذر سلوك الطرق من كثرة الماء.

وفي رواية شريك الآتية "فادعُ اللهَ يمسكها" يجوز في يمسكها الضم والسكون، وللكشميهني "أن يمسكَها" والضمير يعود على الأمطار أو على السحاب أو على السماء، والعرب تطلق على المطر سماء.

وفي رواية سعيد عن شريك "أن يمسكَ عنا الماء".

وعند أحمد عن ثابت "أن يرفعها عنا".

وفي رواية قتادة في "الأدب": "فادعُ ربَّك أن يحبسَها عنا، فضحك".

<<  <  ج: ص:  >  >>