للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن المطر استمر فيما سوى المدينة وقد يشكل بأنه يستلزم أن قول السائل: "هلكت الأموال وانقطعت السبل" لم يرتفع الإهلاك ولا القطع وهو خلاف مطلوبه.

ويمكن الجواب بأن المراد أن المطر استمر حول المدينة من الآكام والظِّراب وبطون الأودية لا في الطرق المسلوكة ووقوع المطر في بقعة دون بقعة كثير ولو كانت تجاورها، وإذا جاز ذلك جاز أن يوجد للماشية أماكن تكنها وترعى فيها بحيث لا يضرها ذلك المطر فيزول الإشكال.

وفي رواية شريك الآتية زيادة: "اللَّهمُّ على الآكام والجبالِ والظِّرَاب والأوديةِ ومنابتِ الشجر، قال: فانقطعتْ وخرجنا نمشي في الشمس". قوله: "على الآكام" فيه بَيانَ للمراد بقوله حوالينا، والآكام بكسر الهمزة وقد تفتح وتمد جمعَ أكمة بفتحات.

قال ابن البرقي: هو التراب المجتمع.

وقال الداودي: هي أكبر من الكدية.

وقال القزاز: هي التي من حجر واحد.

وقال الخطابي: هي الهضبة الضخمة. وقيل الجبل الصغير، وقيل ما ارتفع من الأرض.

وقال الثعالبي: الأكمة أعلى من الرابية، وقيل دونها. "والظِّرَاب" بكسر المعجمكة وآخره موحدة جمع ظرِب بكسر الراء وقد تسكن.

وقال القزاز: هو الجبل المنبسط ليس بالعالي.

وقال الجوهري: الرابية الصغيرة.

وقوله: "الأودية"، في رواية مالك "بطون الأودية" والمراد بها ما يتحصل فيه الماء لينتفع به. قالوا ولم نسمع (أفعلة) جمع (فاعل) إلا الأودية جمع وادٍ، وفيه نظر. وزاد مالك في روايته "رؤوس الجبال".

وقوله "فانقطعت" أي السماء أو السحابة الماطرة، والمعنى أنها أمسكت عن المطر على المدينة.

وفي رواية سعيد عن شريك "فما هو إلا أن تكلمَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بذلك حتى تمزقَ السحابُ حتى ما نرى منه شيئًا" أي: في (المدينة).

ولمسلم في رواية حفص "فلقد رأيتُ السحابَ يتمزقُ كأنّه المُلا حينَ تُطوى" والملا بضم الميم والقصر، وقد تمد جمع ملاءة وهو ثوب معروف.

وعند المصنف عن قتادة "فلقد رأيتُ السحابَ يتقطعُ يمينًا وشمالًا يمطرون" أي: أهل النواحي "ولا يمطر أهل المدينة". وله في "الأدب": فجعلَ السحابَ يتصدعُ عن المدينةِ يريهمُ الله كرامة نبيِّهِ وإجابةَ دعوتِه".

<<  <  ج: ص:  >  >>