للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه جواز الدعاء بالاستصحاء للحاجة وقد ترجم البخاري في "الاستسقاء" واستدل به على جواز الاستسقاء بغير صلاة مخصوصة، وعلى أن الاستسقاء لا تشرع فيه صلاة.

أما الأول: فهو قول مالك والشافعي وغيرهما، وكرهه الثوري.

وأما الثاني: فقد قال به أبو حنيفة فإنه قال: إن الاستسقاء دعاء واستغفار وليس فيه صلاة مسنونة في جماعة.

وقال صاحب "الهداية": فإن صلى الناس وحدانًا جاز، وعند أبي يوسف ومحمد السُّنة أن يصلي الإِمام ركعتين بجماعة كهيئة صلاة العيد، وهو قول مالك والشافعي وأحمد. وذكر في "المحيط" قول أبي يوسف مع أبي حنيفة.

وقال النووي: لم يقل أحد غير أبي حنيفة هذا القول.

ونقل أبو بكر الرازي عن أبي حنيفة التخيير بين الفعل والترك. وحكى ابن عبد البر الإجماع على استحباب الخروج إلى الاستسقاء والبروز إلى ظاهر العصر، لكن حكى القرطبي عن أبي حنيفة أيضًا أنه لا يستحب الخروج وكأنه اشتبه عليه بقوله في الصلاة.

وقال العيني: إن إبراهيم النخعي قائل بقول أبي حنيفة، ولا حجة لأبي حنيفة في الحديث؛ لأن الذي وقع في هذه القصة مجرد دعاء، وذلك لا ينافي مشروعية الصلاة له، وقد بينت في واقعة أخرى وفي الحديث رفع اليدين في الدعاء. وقد استدل به المصنف في "الدعوات" على رفع اليدين في كل دعاء وفي ذلك عدة أحاديث جمعها المنذري في جزء مفرد وأورد منها النووي في "شرح المهذب" في صفة الصلاة قدر ثلاثين حديثًا.

وعقد لها البخاري في "الأدب المفرد" بابًا منها ما أخرجه البخاري "عن أبي موسى الأشعري في غزوة حنين دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم رفع يديه حتى رأيتُ بياضَ إبطيه".

وأخرج أيضًا عن ابن عمر بعد غزوة الفتح "رفعَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يديهِ وقال اللَّهُمَّ إني أبراُ إليك مما فعلَ خالدٌ".

وأخرج من رواية شريك "عن أنس رفعَ يديه حتى رأيتُ بياضَ إبطيهِ".

وأخرج في "الأدب المفرد" حديث أبي هريرة "قدمَ الطفيلُ بنُ عمروٍ على النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فقالَ إنّ دوسًا عصتْ فادعُ اللهَ عليها، فاستقبلَ القبلةَ ورفعَ يديهِ فقالَ: اللَّهمَّ اهدِ دوسًا". وهو في "الصحيحين" دون قوله "ورفع يديه".

وحديث "جابر أن الطفيل بن عمرو هاجر فذكر قصة الرجل الذي هاجر معه وفيه فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: اللَّهمَّ وليديه فاغفر ورفع يديه" وسنده صحيح وأخرجه مسلم.

وحديث عائشة "أنها رأتِ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يدعو رافعًا يديه يقول: اللَّهمَّ إنما أنا بشرٌ" الحديث وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>