والعَنْعنة، وهذا الحديث انفرد به البُخاري بجملته عن مسلم، أخرجه هُنا، وفي الرقاق عن أبي نُعيم، وأخرج مُسلم بعضه في صحيحه عن جابر مرفوعًا، وأخرجه أبو داوود والنَّسائي بتغيير لفظ عند النسائي.
قال أبو عبد الله وقال أبو معاوية: حدثنا داود عن عامر قال سمعت عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقال عبد الأعلى عن داود عن عامر عن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وأراد بالتعليق الأول بيان سماع الشعبي له من الصحابيّ، والنكتة فيه رواية وُهَيْب بن خالد له عن داود، عن الشَّعْبي، عن رجل، عن عبد الله ابن عمرو، حكاه ابن مَنْدة فعلى هذا لعل الشعبي سمعه أولًا من غير عبد الله، ثم لَقِيهُ بعد ذلك، فسمعه منه، ونبه بالتعليق الآخر على أن عبد الله الذي أُهْمل في روايته هو عبد الله بن عَمرو الذي بُيِّن في رواية رفيقه.
وتعليقٌ أبي مُعاوية وصله إسحاق بن رَاهويه في "مسنده" عنه، وأخرجه ابن حِبّان في "صحيحه" عنه، ولفظه: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: ورب هذه البنية لسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"المُهاجرُ من هَجَر السيئاتِ والمسلمُ من سَلِم الناسُ من لسانِه ويده" فعُلِم أنه ما أراد إلا أصل الحديث، والمراد بالناس هُنا المسلمون، كما في الحديث الموصول، فهم الناس حقيقةً عند الإِطلاق، لأن الإِطلاق يُحْمَل على الكامل في غير المسلمين، ويمكن حَمْله على عُمومه على إرادة شرط وهو: إلَّا بِحق، مع أن إرادة هذا الشرط متعينة على كُلِّ حال، لما مر من استثناء إقامة الحدود على المسلم، واعتراض العَيْنيّ على التأويل الأول بأن الناس يكون من الإِنس الجن ساقط غاية السقوط، فإن إطلاق الناس على الكامل في الإِنسانية دون غيره وارد في الحديث، ففيه: من محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى ورثة الأنبياء، وإلى الناس، وإلى أشباه الناس، لا تَحْلِفوا بالطلاق، ولا بالعِتاق، فإنهما من أيمان الفُسّاق، والناس في الحديث المراد بهم أهل