للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو القرشي الفهري أبو عبيدة بن الجراح مشهور بكنيته والنسبة إلى جده، ومنهم من لم يذكر بين عامر والجراح عبد الله، والأكثر على إثباته.

وأمه أميمة بنت غنم بن جابر بن عبد العزى بن عامر بن عميرة، أحد العشرة السابقين إلى الإِسلام. هاجر الهجرتين، وشهد بدرًا وما بعدها، كان إسلامه هو وعثمان بن مظعون وعبيدة بن الجون بن المطلب وعبد الرحمن بن عوف وأبو سلمة بن عبد الأسد في ساعة واحدة قبل دخول النبي -صلى الله عليه وسلم- (دار الأرقم).

وقال الزبير كان أبو عبيدة هو الذي انتزع الحلقتين اللتين دخلتا في وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- من المغفر يوم (أُحد) فانتزعت ثنيتاه فحسنتا فاه.

فيقال إنه ما رؤي أهتم قط أحسن من هتم أبي عبيدة. وكان أبو عبيدة يدعى في الصحابة القوي الأمين لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأهل نجران "لأُرسلنَّ معهم القوي الأمين"، ولقوله عليه الصلاة والسلام كما في "الصحيحين": "لكلِّ أمَّة أمين وأمين أُمتي هذه أبو عبيدة".

وأخرج أحمد عن أنس "أن أهل اليمن لما وفدوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالوا: أبعث معنا رجلًا يعلمنا السُّنَّةَ والِإسلام فأخذَ بيدِ أبي عبيدةَ بن الجراحِ وقال: هذا أمينُ هذهِ الأمَّةِ".

وقال فيه أبو بكر الصديق يوم السقيفة: قد رضيت لكم أحد الرجلين فبايعوا أيهما شئتم عمر وأبا عبيدة.

وأخرج ابن أبي شيبة أن رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال ما مِنْ أصحابي أحدٌ إلا لو شئتُ وجدتُ عليه إلا أبا عبيدة". وفي رواية "إلا لو شئتُ لأخذتُ عليه في خلقهِ ليسَ أبا عبيدة".

وقد قتل أباه يوم بدر ونزل فيه {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية.

فقد خرج الطبراني بسند جيد قال: جعل والد أبي عبيدة يتصدى لأبي عبيدة يوم بدر فيحيد عنه، فلما أكثر قَصَده فقتله فنزلت.

وذكر عنه جابر في "الصحيح" قوله للجيش الذين أكلوا من العنبر: "نحن رسل رسول الله وفي سبيل الله فكلوا آخى رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بينه وبينَ سعدِ بنِ معاذٍ، وهو الذي قال لعمرَ أتفرُّ من قدرِ اللهِ؟ فقال عمر: لو غيرُكَ قالها يا أبا عبيدة، نعم نفرُّ من قضاء إلى قدر الله تعالى". وذلك دال على جلالة أبي عبيدة عند عمر.

وقال أبو يعلى عن عبد الله بن شقيق: "سألت عائشةَ مَنْ كان أحبَّ إلى رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-؟ قالت: أبو بكرٍ ثم عمرُ ثم أبو عبيدة بن الجراح".

وأخرجه أحمد بلفظ: "من كان أحبَّ إليه؟ قالت: أبو بكر، قلت: ثم مَنْ؟ قالت: عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>