وأخرج الطبراني عن عبد الله بن عمرو "قال: ثلاثةٌ من قريشٍ أصبحُ الناسِ وجوهًا وأحسنُهم خلقًا وأشدُّهم حياءً: أبو بكرٍ وعثمانُ وأبو عبيدةَ". وسنده ابن ربيعة.
وفي "مغازي موسى بن عقبة": "أمّر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- عمرو بنَ العاصِ في غزوة ذاتِ السلاسلِ وهي مِنْ مشارفِ الشام في بَليّ ونحوهم من قضاعة، فخشيَ عمرو فبعثَ يستمدُّ فندبَ النبي -صلى الله عليه وسلم- الناسَ من المهاجريَنَ الأولينَ فانتدبَ أبو بكرٍ وعمرُ في آخرين، فأَمَّرَ عليهم أبا عبيدة بن الجراح مددًا لعمرو بن العاص، فلما قدموا عليه قال: أنا أميرُكم، فقال المهاجرون: بل أنت أميرُ أصحابكَ، وأبو عبيدة أمير المهاجرينَ. فقال عمرو إنما أنتم مددي فلما رأى ذلك أبو عبيدة وكان حسن الخلق متبعًا لأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعهده قال: تعلم يا عمرو أن رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال لي: إذا قدمت إلى صاحبكَ فتطَاوعا وإنّك إنْ عصيتني أطعتُك".
وفي فوائد ابن أخي سُمَيٍّ بسند صحيح أن المغيرة قال لأبي عبيدة "إنَّ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أمَّرَكَ علينا وأن ابنَ النابغةِ يعني عمرو بنَ العاص ليس لك معه أمرٌ، فقال أبو عبيدة: إنَّ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أمَرنا أن نطّاوعَ فأنا أطيعه لقوله عليه الصلاة والسلام".
وأخرج ابن سعيد بسند حسن أن معاذ بن جبل بلغه أن بعض أهل الشام استعجز أبا عبيدة أيام حصار الشام، ورجح خالد بن الوليد فغضب معاذ وقال أفبأبي عبيدة يظن، والله إنه لمن خيرة من يمشي على الأرض". ولابن المبارك في كتاب "الزهد" قدم عمر الشام فتلقاه أمراء الأجناد، فقال اين أخي أبو عبيدة؟ فقالوا الآن يأتي فجاء على ناقة مخطومة بحبل فسلم عليه وساءله حتى أتى منزله، فلم ير فيه شيئًا إلا سيفه وترسه ورحله فقال له عمر: لو اتخذت متاعًا فقال: يا أمير المؤمنين، إن هذا يبلغنا المقيل.
وأخرج يعقوب بن سفيان أن أبا عبيدة كان يسير في الركب فيقول: ألا ربّ مبيض لثيابه، وهو مدنس لدينه ألا ربّ مكرم لنفسه، وهو مهين لها غدًا ادفعوا السيئات القديمات بالحسنات الحادثات.
وأخرج ابن أبي الدنيا بسند جيد، قال كان أبو عبيدة أميرًا على الشام فخطب فقال: والله ما منكم أحد يفضلني بتقى إلاَّ وَدِدت أني في مِسْلاخه.
وأخرج الحاكم قال: لما طُعن أبو عبيدة قال: يا معاذ صلّ بالناس، فصلى، ثم مات أبو عبيدة، فخطب معاذ فقال في خطبته: وإنكم فُجعتم برجل ما أزعم، والله إنني رأيت من عباد الله قط أقل حقدًا، ولا أبر صدرًا، ولا أبعد غائلة، ولا أشد حياء للعاقبة، ولا أنصح للعامة منه فترحموا عليه.
وأخرج ابن أبي شيبة قال: لما بعث عمر أبا عبيدة على الشام وعزل خالد بن الوليد قال خالد: