زاد فيهم عويمر بن أشقر وليس في حديثه إلا مطلق الإعادة؛ لكونه ذبح قبل الصلاة.
وأما ما أخرجه ابن ماجه عن أبي زيد الأنصاري "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل من الأنصار اذبحها ولن تجزىء جذعةٌ عن أحدٍ بعدك" فهذا يحمل على أنه أبو بردة بن نيار؛ لأنه من الأنصار. وكذا ما أخرجه أبو يعلى والطبراني عن أبي جحيفة "أن رجلًا ذبحَ قبلَ الصلاةِ فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لا تجزىء عنكَ. قال إن عندي جَذعةً. قال: تجزىء عنك ولا تجزىء بعد" فلم يثبت الإجزاء لأحد ونفيه عن الغير إلا لأبي بردة وعقبة فإن تعذر الجمع الذي قد مرّ فحديث أبي بردة أصح مخرجًا.
قال الفاكهاني: ينبغي النظر في اختصاص أبي بردة بهذا الحكم وكشف السر فيه. وأجاب الماوردي بأن فيه وجهين:
أحدهما: أن ذلك كان قبل استقرار الشرع فاستثني.
والثاني: أنه علم من طاعته وخلوص نيته ما ميزه عمن سواه.
وفي الأول نظر؛ لأنه لو كان سابقًا لامتنع وقوع ذلك لغيره بعد التصريح بعدم الإجزاء لغيره والغرض ثبوت الإجزاء لعدد غيره كما مرّ.
قلت الظاهر عندي في الجواب هو أن المرجع في الأحكام إنما هو إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنه قد يخص بعض أمته بحكم ويمنع غيره منه. ولو كان بغير عذر وهذا الحكم متقرر عند العلماء أخذوه من هذا الحديث وغيره، وفي الحديث أن خطابه للواحد يعم جميع المكلفين حتى يظهر دليل الخصوصية؛ لأن السياق يشعر بأن قوله لأبي بردة ضح به أي بالجذع ولو كان يفهم منه تخصيصه بذلك لما احتاج إلى أن يقوله له: "ولن تجزىء عن أحد بعدك" ويحتمل أن يكون قائدة ذلك قطع إلحاق غيره به في الحكم المذكور لا أن ذلك مأخوذ من مجرد اللفظ وهو قوي.
وفيه أن الإمام يعلم الناس في خطبة العيد أحكام النحر.
وفيه جواز الاكتفاء في الضحية بالشاة الواحدة عن الرجل وعن أهل بيته، وبه قال الجمهور وعن أبي حنيفة والثوري يكره.
وقال الخطابي: لا يجوز أن يضحي بشاة واحدة عن اثنين، وادعى نسخ ما دل عليه حديث عائشة الآتي في الضحايا في باب (من ذبح ضحية غيره) وتعقب بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال. قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة: وفيه أن العمل وإن وافق نية حسنة لم يصح إلا إذا وقع على وفق الشرع.
وفيه جواز أكل اللحم يوم العيد من غير لحم الأضحية لقوله إنما هو لحم قدمه لأهله.
وفيه كرم الرب سبحانه وتعالى لكونه شرع لعبيده الأضحية مع ما لهم فيها من الشهوة بالأكل والادخار، ومع ذلك فأثبت لهم الأجر في الذبح، ثم من تصدق أثيب وإلا لم يأثم.