للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما ما في روايتهما من الفصل والوصل، فرواية سعيد صريحة في الوصل ورواية كريب محتملة، فتحمل على رواية سعيد.

وأما قوله في رواية طلحة بن نافع "يسلم من كل ركعتين" فيحتمل تخصصه بالثمان فيوافق رواية سعيد ويؤيده رواية يحيى بن الجزار الآتية، وليس في شيء من طرق حديث ابن عباس مما يخالف ذلك؛ لأن أكثر الرواة عنه لم يذكروا عددًا ومن ذكر منهم عددًا لم يزد على ثلاث عشرة، ولم ينقص عن إحدى عشرة إلا أن في رواية علي بن عبد الله بن عباس عند مسلم ما يخالفه فإن فيه "فصلّى ركعتين أطالَ فيهما ثم انصرف فنامَ حتى نفخَ ففعلَ ذلكَ ثلاثَ مراتٍ بست ركعاتٍ كلُّ ذلك يستاكُ ويتوضأ ويقرأ هؤلاءِ الآيات يعني آخر آل عمران ثم أوترَ بثلاثٍ فأذَّنَ المؤذن فخرجَ إلى الصلاة".

فزاد على الرواية تكرير الوضوء وما معه ونقص عنه ركعتين أو أربعًا، ولم يذكر ركعتي الفجر أيضًا ولعل ذلك من الراوي عنه حبيب بن أبي ثابت فإن فيه مقالًا، وقد اختلف عليه فيه في إسناده ومتنه اختلافًا تقدم ذكر بعضه، ويحتمل أن يكون لم يذكر الأربع الأول كما لم يذكر حكم الثمان كما مرّ، وأما سنة الفجر فقد ثبت ذكرها من طريق أخرى عن علي بن عبد الله عند أبي داود، والحاصل أن قصة مبيت ابن عباس يغلب على الظن عدم تعددها؛ فلهذا ينبغي الاعتناء بالجمع بين مختلف الروايات فيها, ولا شك بأن الأخذ بما اتفق عليه الأكثر والأحفظ أولى مما خالفهم فيه من هو دونهم ولاسيما إن زاد أو نقص والمحقق من عدد صلاته في تلك الليلة إحدى عشرة ركعة.

وأما رواية ثلاث عشرة فيحتمل أن يكون منها سُنَّة العشاء، ويوافق سُنَّة العشاءِ ويوافق ذلك رواية أبي جمرة عن ابن عباس الآتية في صلاة الليل بلفظ "كانت صلاةُ النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاثَ عشرةَ يعني بالليل، ولم يبين هل سُنة الفجر منها أم لا، وبيّنها يحيى بن الجزار عن ابن عباس عند النسائي بلفظ: "كان يصلِّي ثمانِ ركعاتٍ ويوترُ بثلاثٍ ويصلّي ركعتين قبل صلاةِ الصبح"، ولا يعكر على هذا الجمع إلا ظاهر سياق الباب، فيمكن أن يحمل قوله: "صلّى ركعتين ثم ركعتين" أي: قبل أن ينام ويكون منها سُنة العشاء.

وقوله: "ثم ركعتين بعد أن قام" وسيأتي نحو هذا الجمع في حديث عائشة في أبواب صلاة الليل -إن شاء الله تعالى- وجمع الكرماني بين ما اختلف من روايات قصة ابن عباس هذه باحتمال أن يكون بعض رواته ذكر القدر الذي اقتدى ابن عباس به فيه، وفصله عما لم يقتدِ به فيه وبعضهم ذكر الجميع مجملًا.

وقوله: "ثم اضطجعَ حتى جاءَه المؤذّن فقام فصلَّى ركعتين" المؤذن هو بلال كما مرّ وسيأتي قبيل أبواب التطوع ما قيل في الاضطجاع هل كان قبل ركعتي الفجر أو بعدهما.

وقوله: "ثم خرج فصلّى الصُّبح" أي بالجماعة. وزاد سلمة بن كهيل عن كريب كما يأتي في

<<  <  ج: ص:  >  >>