عن الاستغفار له، ويرده أيضًا ما أخرجه الشيخان عن أبي سعيد الخدري "أنه سمعَ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وذكرَ عندَهُ عمُّهُ فقال: لعلَّه تنفعُهُ شفاعتي يوم القيامة فيجعلَ في ضحضاحٍ من النارِ يبلغُ كعبيه يغلي منه أمُ دماغِهِ" وما أخرجه البخاري في "صحيحه" عن العباسٍ نفسه المزور عليه الحديث السابق "أنه أي العباس قال للنبيِّ -صلى الله عليه وسلم- ما أغنيتَ عن عمِّكَ أبي طالب فإنَّه كان يحوطك ويغضبُ لكَ فقال: هو في ضحضاحٍ منَ النارِ ولولا أنا لكان في الدركِ الأسفلِ"، فهذا شأن من مات على الكفر فلو كان مات على التوحيد لنجا من النار أصلًا، ولو كان العباس رضي الله تعالى عنه سمع نطقه بالشهادة ما احتاج إلى سؤاله عليه الصلاة والسلام بما ينفعه.
وأجاب الرافضي المذكور عن قوله:"هو على ملة عبد المطلب" بأن عبد المطلب مات على الإِسلام واستدل بأثر مقطوع عن جعفر الصادق وما أجاب به جهل وحماقة وسهو عن الحديث نفسه، فإن القائل له "أترغب عن ملة عبد المطلب" أبو جهل، فلو كانت ملة عبد المطلب إسلامًا منجيه من النار كان أبو جهل الطالب منه الثبوت عليها مسلمًا ناجيًا من النار، وكذلك جميع أهل القليب؛ لأن كل واحد منهم يقول إنه على ملة عبد المطلب وبطلان هذا واضح لا يحتاج معه إلى بطلان الأثر المذكور، الأثر المذكور هو ما ذكره الرافضي عن راشد الحماني قال:"سئل أبو عبد الله يعني جعفر الصادق عن أهل الجنة فقال: الأنبياء في الجنة، والصالحون في الجنة، والأسباط في الجنة، وأجمل العالمين مجدًا محمد -صلى الله عليه وسلم- يقدم آدم فمن بعده من آبائه، وهذه الأصناف يحدثون به، ويحشر عبد المطلب به نور الأنبياء وجمال الملوك، ويحشر أبو طالب في زمرته فإذا ساروا بحضرة الحساب وتبوأ أهل الجنة منازلهم ودخل أهل النار، ارتفع شهاب عظيم لا يشك من رآه أنه غيم من النار فيحضر كل من عرف ربه ولم يعرف نبيه، والشيخ الفاني والطفل فيقال لهم: إن الجبار تبارك وتعالى يأمركم أن تدخلوا هذه النار، فكل من اقتحمها خلص من النار إلى أعلى الجنان، ومن كع عنها غشيته"، أخرجه عن أبي بشر أحمد بن إبراهيم بن يعلي بن أسد عن صالح الحمادي عن أبيه عن جده سمعت راشد الحماني فذكره. وهذه سلسلة من غلاة الروافض.
قلت: الأثر ظاهر الوضع فإن فيه إبطال وجوب التصديق بالأنبياء؛ لقوله فيه كل من عرف ربه بصيغة العموم، فكل من كذب الأنبياء وصدق بالله لا يقطع بدخوله في النار ولا مزية فيه لأبي طالب على أبي جهل، وأي خصوصية له عليه في التصديق بملة عبد المطلب حتى يكون هو الذي في زمرته، فجميع كفار قريش كلهم على ملته، وأيضًا هذا الأثر المزور ليس فيه تصريح بأن عبد المطلب ومن تبعه ممن اقتحمها أو كع عنها مزورا، ولم يأتوا بمرادهم وأبطلوا بتزويرهم وجوب التصديق بعذاب من كذب الرسل.
قال في "الإصابة": قد ورد في عدة طرق استوفيتها في حق الشيخ الهرم، ومن مات في الفترة ومن ولد أكمه أعمى أصم، ومن ولد مجنونًا أو طرأ عليه الجنون قبل البلوغ ونحو ذلك أن كلاً منهم يدلي بحجة لو عقلت أو ذكرت لآمنت فترفع لهم نار، ويقال لهم: ادخلوها، فمن دخلها كانت عليه