أورد هذا الحديث بطريقين، عاطفًا إحداهما على الأخرى، وهي: وعن حسين المعلم، فإنه معطوف على شعبة، والتقدير عن شعبة وحسين، كلاهما، عن قتادة، وإنما لم يجمعهما لأن شيخه أفردهما، فأورده المصنف معطوفًا اختصارًا، ولأن شعبة قال: عن قتادة، وقال حسين: حدثنا قتادة، وغلط من زعم أن رواية حسين معلقة، فإن أبا نُعَيم في "المستخرج" وصلها عن مُسَدَّد، وصرح أحمد والنَّسائي في روايتهما بسماع قتادة له من أنس، فانتَفَت تهمة تدليسه.
وقوله:"لا يُؤْمِنُ أحدُكُم" وللأصِيْلِيّ "أحدٌ" ولابن عَساكر "عبدٌ" وكذا لمسلم، والمنفي كمال الإِيمان، ونفي اسم الشيء على معنى نفي الكمال عنه مستفيض في كلامهم، كقولهم: فلان ليس بإنسان، ولا يلزم على هذا أنَّ من اتصف بهذه الخصلة يكون مؤمنًا كاملًا، وإن لم يأت ببقية الأركان, لأن هذا ورد مورد المبالغة، أو يستفاد من قوله: لأخيه المسلم ملاحظة بقية صفات المسلم، وقد صرح ابن حِبّان عن حُسين المعلم بالمراد، ولفظه:"لَا يَبْلُغُ عبدٌ حقيقةَ الإِيمان" ومعنى الحقيقة هُنا الكمال ضرورة أنَّ لم يَتَّصِف بهذه الصفة لا يكون كافرًا، وبهذا يَتِمُّ الاستدلال للمصنف على أنه يتفاوت، وأن هذه الخصلة من شُعَبِ الإِيمان، وهي داخلة في التواضع على ما نقرره قريبًا.
وقوله:"حتى يُحبَّ" بالنصب، لأن حتى جارّة، وأَنْ بعدها مضمرة، ولا يجوز الرفع فتكون حتى عاطفة، فلا يصحُّ المعنى، لأن عدم الإِيمان ليس سببًا في المحبة.
وقوله:"ما يُحبُّ لنفسه" جملة محلها النصب مفعول به، أي: من الخير، وهو مصَّرحٌ، به في رواية الإِسماعيلي الآتية، وغيره، والخير كلمة جامعة تَعمُّ الطاعات والمباحات الدنيوية والأخروية، وتخرج المنهيات لأن اسم الخير لا يتناولها، والمحبة إرادة ما يعتقده خيرًا.
قال النَّوويّ: المحبة: الميل إلى ما يُوافق المحب، وقد تكون