للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخامس: الهيثم بن أبي سنان المدنيّ قال أبو حاتم: صالح الحديث، وذكره ابن حِبّان في الثقات، وقال: هو أخو سِنان بن أبي سِنان، روى عن أبي هريرة وابن عمر، وعنه بكير بن عبد الله بن الأشج والزهريّ.

وعبد الله هو ابن رُواحة بن ثَعلبة بن امرىء القيس بن عمرو بن امرىء القيس الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج، الأنصاري الخزرجيّ، الشاعر المشهور، يكنى أبا محمد، ويقال: أبو رواحة، ويقال أبو عمر، وأُمه كبشة بنت واقد بن عمرو بن الإطْنابة، خزرجية أيضًا، وليس له عقب، أحد السابقين إلى الإِسلام، واحد النقباء ليلة العقبة، شهد بدراً وما بعدها إلى أن استشهد بمؤتة. آخى النبي -صلى الله عليه وسلم- بينه وبين المقداد، وبعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثلاثين راكبًا إلى أسير بن رقرام اليهودي بخيبر، فقتله، وبعثه بعد فتح خيبر فحرض عليهم. وفي فوائد أبي طاهر عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "نِعْمَ الرجل عبد الله بن رواحة" في حديث طويل.

وفي "الزهد" لأحمد عن أنس قال: كان عبد الله بن رُواحة إذا لقي رجلًا من أصحابه يقول: تعال نؤمن بربنا ساعة ... الحديث، وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "رحم الله ابن رواحة، إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة" وأخرج البيهقي، بسند صحيح عن ابن أبي ليلى قال: كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يخطب، فدخل عبد الله بن رواحة، فسمعه يقول: اجلسوا، فجلس، فكأنه خارجًا من المسجد، فلما فرغ قال: زادك الله حرصًا على طواعية الله وطواعية رسوله. وأخرج ابن سعد عن حَمّاد بن أبي عمران الجَوْنيَّ قال: مرض عبد الله بن رواحة، فأُغمي عليه، فعاده النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "اللهم إن كان أجله قد حضر فيسره، وإن لم يكن حضر فاشفه". فوجد خفة، فقال: يا رسول الله، أمي تقول: واجبلاه، واظهراه. وملك يقول: أين كذا هو قلت: نعم لقمعني بها.

وفي "الزهد" لابن المبارك عن أبي ليلى بسند صحيح قال: تزوج رجل امرأة عبد الله بن رواحة، فسألها عن صنيعه فقالت: كان إذا أراد أن يخرج من بيته صلّى ركعتين، وإذا دخل بيته صلَّى ركعتين، لا يدع ذلك. قالوا: كان عبد الله أوّل خارج إلى الغزو، وآخر قافل منه. وهو أحد الشعراء المحسنين الذين كانوا يردُّون الأذى عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. وأخرج ابن سعد عن عُروة "لما أنزل الله تعالى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} قال عبد الله: أنا منهم، فأنزل الله فيه وفي صاحبه حسّان وكعب بن مالك: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} إلخ".

وروى هشام بن عُروة عن أبيه قال: سمعت أبي يقول: ما سمعت بأحد أجرأ ولا أسرع شعرًا من عبد الله بن رواحة، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: أنشدنى ساعة وأنا انظر إليك، فانبعث مكانه يقول:

أَنّي تفرست فيك الخير أعرفه ... والله يعلم أن ماخانني البصرُ

أنت النبي ومن يُحرم شفاعته ... يوم الحساب فقد أزرى به القدرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>