قوله:"وكان شهد بدرًا" يعني حضر الوقعة الكائنة بالمكان المعروف ببدر، وهي أول وقعة قاتل فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - المشركين، وتأتي في المغازي، يحتمل أن يكون قائل ذلك أبو إدريس، فيكون متصلًا، إذا حُمل على أنه سمع ذلك من عُبادة، أو الزُّهري فيكون منقطعًا.
وكذا قوله:"وهو أحد النقباء" جمع نقيب، وهو الناظر على القوم وضمينهم وعريفهم، وكانوا اثني عشر رجلًا.
وقوله:"ليلة العَقبة" أي: بِمنى، والعقبة الموضع المرتفع العالي من الجبل، والواو في قوله:"وهو"، وقوله:"وكان" هي الواو الداخلة على الجملة الموصوف بها لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف، وإفادة أن اتصافه بها أمر ثابت، ولا ريب أن كون شهود عُبادة بدرًا وكونه من النقباء صفتان من صفاته، ولا يجوز أن تكون الواو للحال ولا للعطف كما في قوله تعالى:{وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ}[الحجر: ٤] فإنها جملة واقعة صفة لقرية، والقياس أنه لا يتوسط الواو بينهما، كما في قوله تعالى:{وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ}[الشعراء: ٢٠٨] وإنما توسطت الواو لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف، كما يقال في الحال: جاءني زيد عليه ثوب، وجاءني وعليه ثوب، قاله الزَّمَخْشَريّ، وتعقبه ابن مالك بأن ما قاله من توسط الواو بين الصفة والموصوف فاسدٌ، لم يقله أحد من النحاة، وأن ما علله به غير مناسب، لأن الواو تَدُلُّ على الجمع بين ما قبلها وما بعدها، وذلك مستلزم لتغايرهما، وهو ضد لما يراد من التأكيد، فلا يَصِحُّ أن يقال للعاطف مؤكد، وأيضًا لو صلحت الواو لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف لكان أولى المواضع بها موضعًا لا يصلُح للحال، نحو: إن رجلًا رأيُهُ سديدٌ لسعيدٌ، فرأيه سديد جملة نعت بها، ولا يصحُّ اقترانها بالواو لعدم صلاحيتها للحال، بخلاف، ولها كتاب معلوم فإنها جملة يصلُح في موضعها الحال، لأنها بعد نفي، وأجيب عن الزَّمَخْشرِيّ بأن المراد من الالتصاق عنده ليس الالتصاق اللفظي بل المراد عنده الالتصاق المعنوي، والواو تؤكد الثاني دون الأول.