وقوله:"إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال" محكية لقال ساقطة بعد قوله: "إن عبادة بن الصامت"، والساقطة هي خبر إن, لأن قوله:"وكان" وما بعدها معترض بين إن وخبرها الساقط من أصل الرواية هنا, ولعلها سقطت من ناسخ بعده، واستمر بدليل ثبوتها عند المصنف في باب من شهد بدرًا، والتقدير: أن عُبادة بن الصامت قال: إن رسول الله .. الخ، وقد جرت عادة كثير من أهل الحديث بحذف "قال" خطًّا لكن حيث يتكرر في مثل: قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، ولا بد عندهم مع ذلك من النطق بها, ولأحمد عن أبي اليمان بهذا الإِسناد: أن عُبادة حدثه.
وقوله:"وحوله عِصابة من أصحابه" حول الشيء ما أحاط به، وقد تقدم في حديث هِرَقْل ما فيه من اللغات، وهو ظرف خبر مقدم لعصابة، ومن أصحابه صفة لعصابة، والعِصابة بكسر العين الجماعة من العَشَرة إلى الأربعين، ولا واحدَ له من لفظه، وقد جمعت على عَصائب وعُصُب، وأشار بهذا إلى المبالغة في ضبط الحديث، وأنه عن تحقيق وإتقان.
وقوله:"بايعوني" زاد في باب وفود الأنصار: "تعالَوا بايِعُوني" والمبايعة على الإِسلام عبارة عن المعاقدة والمعاهدة عليه، سميت بذلك تشبيهًا بالمعاوضة المالية، كأن كل واحد منهما يبيع ما عنده من صاحبه، فمن طرف النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وعد الثواب، ومن طرفهم التزام الطاعة، نحو قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}[التوبة: ١١١] وقد تُعرف بأنها عقد الإِمام العهد بما يأمر الناس به.
وقوله:"على أن لا تُشركوا بالله شيئًا" أي على ترك الإِشراك، وهو عام لأنه نكرة في سياق النهي، وهو كالنفي، وقَدَّمه على ما بعده لأنه الأصل.