وقوله:"ومن أصاب من ذلك شيئًا" بنصب شيئًا مفعول أصاب الذي هو صلة من الموصول المتضمن معنى الشرط.
وقوله:"فَعُوقِب" أي: به، كما رواه أحمد، أي: بسببه.
وقوله:"في الدنيا" أي: بأن أقيم عليه الحد.
وقوله:"فهو" أي: العقاب المفهوم من عوقب.
وقوله:"كفارة له" فلا يُعاقب عليه في الآخرة. وفي رواية الأربعة حذف له، وعموم هذا الحديث مخصوص بقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}[النساء: ٤٨] فالمرتد إذا قُتِل علي ارتدادِهِ لا يكون القتل كفارة له، وهذا بناء على أن قوله مِن ذلك شيئًا يتناول جميع ما ذكر، وهو ظاهر، وقيل: يحتمل أن يُراد ما بعد الشرك، بقرينة أن المخاطب بذلك المسلمون، فلا يدخل حتى يُحتاج إلى إخراجه ويؤيده رواية مسلم عن عُبادة في هذا الحديث:"ومَنْ أتى منكم حَدًّا" إذ القتل على الشرك لا يُسمى حدًّا، لكن يُعَكِّرُ على هذا أن الفاء في قوله:"فمن" لتُرَتِّب ما بعدها على ما قبلها، وخطاب المسلمين بذلك لا يمنع التحذير من الإِشراك، وما ذكر في الحد عرفي حادث، فالصواب الأول، وكون المراد بالشرك الشرك الأصغر الذي هُو الرياء لا يَصِحُّ لأن عرف الشارع إذا أطلق الشرك إنما يريد به ما يقابل التوحيد، ولأنه عقب الإِصابة بالعقوبة في الدنيا، والرياء لا عقوبة فيه، فوضح أن المراد الشرك، وأنه مخصوص، وكون الحدود كفارة لأهلها هُو الذي ذهب إليه أكثر العلماء لهذا الحديث، ولما رواه التِّرمذي وصححه الحاكم عن علي بن أبي طالب من ذلك، ففيه:"مَنْ أصابَ ذنبًا فعُوقِب عليه في الدنيا، فالله أكرم من أن يُثَنِّي العقوبة على عبده في الآخرة" وهو عند الطَّبراني بإسناد حسن من حديث أبي تَميمة الهُجَيْميّ، وله أيضًا عن ابن عمر مرفوعًا:"ما عُوقب رجلٌ على ذنبٍ إلا جعله الله كفارةً لما أصاب من ذلك الذنب" ولأحمد من حديث خُزَيْمة بن ثابت: "من أصاب ذنبًا أقيم عليه ذلك الذنب فهو كفارة