للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو كأيوب، عن نافع، عن ابن عُمر، وإذا كان عبد الله بن عَمرو الذي هو جد عَمرو بن شعيب أحد من حضر البيعة، وليس هو من الأنصار، ولا ممن حضر بيعتهم، وإنما كان إسلامه قرب إسلام أبي هُريرة، وضح تغاير البيعتين بيعة الأنصار ليلة العقبة، وهي قبل الهجرة إلى المدينة، وبيعة أخرى وقعت بعد فتح مكة، شهِدَها عبد الله بن عمرو، وكان إسلامه بعد الهجرة بمدة طويلة، ومثل ذلك ما رواه الطبراني عن جَرير، قال: "بايَعَنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على مثل ما بايَعَ عليه النساء" وكان إسلام جَرير متأخرًا عن إسلام أبي هُريرة على الصواب، وإنما حصل التباس من جهة أن عبادة بن الصامت حضر البيعتين معًا، وكانت بيعة العقبة مما يَتَمَدَّحُ به، فكان يذكرها إذا حَدّث تنويهًا بسابقيَّته، فلما ذكر هذه البيعة التي صدرت على مثل بيعة النساء، عقب ذلك توهم من لم يقف على حقيقة الحال أن البيعة الأولى وقعت على ذلك، والحق أنها لم تقع على ذلك، ونَصُّ ما وقعت عليه على ما رواه ابن إسحاق وغيره من أهل المغازي، أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال لمن حضر من الأنصار: "أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم" فبايعوه على ذلك، وعلى أن يرحل إليهم هو وأصحابه، وفي كتاب الفتن عن عُبادة بن الصامت أيضًا، قال: "بايَعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره" الحديث، وأصرح من ذلك في هذا المراد ما أخرجه أحمد والطبراني عن عُبادة أنه جرت له قصة مع أبي هُريرة عند معاوية بالشام، فقال: يا أبا هُريرة إنك لم تكن معنا إذ بايعنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على السمع والطاعة في النشاط والكسل، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن نقول بالحق، ولا نخاف بالله لومة لائم، وعلى أن ننصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قدم علينا يثرب، فنمنعه مما نمنع منه أنفسنا وأزواجنا وأبناءنا ولنا الجنة، فهذه بيعة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم التي بايعناه عليها، فذكر بقية الحديث، وقد ذكرت في المقدمة عدد العقبات،

<<  <  ج: ص:  >  >>