وعدد أهلها، فبان من هذا أن الذي وقع في بيعة العقبة ليس هو الواقع في البيعة المذكورة في هذا الحديث، ونظير ما وقع في هذا الحديث ما أخرجه أحمد عن محمَّد بن إسحاق عن عُبادة بن الوليد بن عُبادة بن الصامت، عن أبيه الوليد، عن جده عبادة بن الصامت، قال: وكان أحد النقباء، قال:"بايعنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بيعة الحرب، وكان عُبادة من الاثني عشر الذين بايعوا في العقبة الأولى على بيعة النساء وعلى السمع والطاعة في عسرنا ويسرنا" الحديث، فإنه ظاهر في اتحاد البيعتين، ولكن الحديث في "الصحيحين" كما يأتي في الأحكام ليس فيه هذه الزيادة، والصواب أن بيعة الحرب بعد بيعة العقبة, لأن الحرب إنما شُرع بعد الهجرة، ويمكن تأويل رواية ابن إسحاق وردها إلى ما تقدم، وقد اشتملت روايته على ثلاث بيعات، بيعة العقبة وقد صرح بأنها كانت قبل أن يُفْرَضَ الحرب في رواية الصُّنابِحِيّ عن عُبادة عند أحمد، والثانية: بيعة الحرب ويأتي في الجهاد أنها كانت على عدم الفرار، والثالثة: بيعة النساء أي التي وقعت على نظير بيعة النساء، والراجح أن التصريح بذلك وهم من بعض الرواة، ويعكر على ذلك التصريح في رواية ابن إسحاق عن الصُّنابِحيّ عن عبادة أن بيعة ليلة العقبة كانت على مثل بيعة النساء، واتفق وقوع ذلك قبل أن تنزل الآية، وإنما أضيفت إلى النساء لضبطها بالقرآن، ونظيره ما وقع في "الصحيحين" أيضًا عن الصُنابحي عن عُبادة قال: إني من النقباء الذين بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: بايعناه على أن لا نشرك باللهِ شيئًا الحديث، فظاهر هذا اتحاد البيعتين، ولكن المراد ما قررته أن قوله: إني من النقباء الذين بايعوا أي ليلة العقبة على الإِيواء والنصر وما يتعلق بذلك ثم قال بايعناه إلى آخره أي في وقت آخر، ويشير إلى هذا الإِتيان بالواو العاطفة في قوله: وقال بايعناه.
وعليك برد ما أتى من الروايات موهمًا أن هذه البيعة كانت ليلة العقبة إلى هذا التأويل الذي نهجت إليه فيرتفع الإِشكال بذلك، ولا يبقى بين