وهذا الحديث ذكره البخاريّ هنا عن موسى بن عُقبة مختصرًا، وذكره مطولًا في كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة عن مالك، وها أنا أذكر الرواية الطويلة هنا، وأذكر جميع مباحثه هنا تتميمًا للفائدة.
ولفظ الطويلة، عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، أن اليهود جاءوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فذكروا له أن رجلًا منهم وامرأة زنيا فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ فقالوا: نفضحهم ويجلدون، قال عبد الله بن سَلاَم: كذبتم، إن فيها الرجم، فأتوا بالتوراة فنشروها، فوضع أحدهم يده على آية الرجم، فقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال كله عبد الله بن سلام: ارفع يدك، فرفع يده، فإذا فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجما، فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة.
قوله: إن رجلًا منهم وامرأة زنيا، ذكر السهيليّ عن ابن العربيّ أن اسم المرأة بُسْرة، بضم الموحدة وسكون المهملة، ولم يسم الرجل. وذكر أبو داود السبب في ذلك عن الزّهري: سمعت رجلًا من مُزَينة ممن تبع العلم، وكان عند سعيد بن المسيب يحدث عن أبي هريرة قال: زنى رجل من اليهود بامرأة، فقال بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى هذا النبي، فإنه بعث بالتخفيف، فإن أفتانا بفُتيا دون الرجم قبلناها، واحتججنا بها عند الله، وقلنا فُتْيا نبي من أنبيائك. قال: فأتوا النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو جالس في المسجد في أصحابه، فقالوا: يا أبا القاسم، ما ترى في امرأة ورجل زنيا منهم؟
ونقل ابن العربيّ عن الطبريّ والثعلبيّ عن المفسرين قالوا: انطلق قوم من قُرَيظة والنَّضير منهم كعب بن الأشرف وكعب بن أسَد وسعيد بن عمرو ومالك بن الصيف وغيرهم، فسألوا النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان رجل وامرأة من أشراف أهل خيبر زنيا، واسم المرأة بُسْرة، وكانت خيبر حينئذ حربًا، فقال لهم اسألوه، فنزل جبريل على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: اجعل بينك وبينهم ابن صُوريا، فذكر القصة مطولة.
ولفظ الطبريّ من طريق الزُّهريّ المذكورة، أن أحبار اليهود اجتمعوا في بيت المُدارس، وقد زنى رجل منهم بعد إحصانه بامرأة منهم قد أُحْصِنت، فذكر القصة، وفيها فقال: أخرجوا إليّ عبد الله بن صوريا الأعور، قال ابن إسحاق: ويقال إنهم أخرجوا معه أبا ياسر بن أحْطَب ووهب بن يهودا فخلا النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بابن صوريا، فذكر الحديث.
وعند مسلم عن البراء: مُرَّ على النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- بيهودي محممًا مجلودًا، فدعاهم، فقال: هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ قالوا: نعم. وهذا يخالف الأول من حيث أن فيه أنهم ابتدأوا السؤال قبل إقامة الحد، وفي هذا أنهم أقاموا الحد قبل السؤال، ويمكن الجمع بالتعدد بأن يكون الذين سألوا عنهما غير الذين جلدوه، ويحتمل أن يكونوا بادروا فجلدوه ثم بدا لهم فسألوا، فاتفق المرور