أعرج، فقيل له يوم أُحُد: والله ما عليك من حرج, لأنك أعرج، فأخذ سلاحه وولّى وقال: والله إني لأرجو أنْ أطأَ بعرجتي هذه في الجنة، ثم أقبل على القِبلة وقال: اللهم ارزقني الشهادة، ولا تردني إلى أهلي خائبًا، فلما قتل يوم أحد، جاءت زوجته هند بنت عمرو بن حَرام، فحملته وحملت أخاها عبد الله على بعير، ودفنا معًا في قبر واحد، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده إن منكم من لو أقسم على الله لأبَرَّه، منهم عمرو بن الجموح، ولقد رأيته في الجنة يطأ بعرجته".
وروى ابن أبي شيبة عن أبي قتادة قال: أتى عمرو بن الجموح النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله، أرأيت إن قاتلت في سبيل الله حتى أقتل، تراني أمشي برجلي هذه في الجنة؟ فقال:"نعم"، وكانت عرجاء، فقتل هو وابن أخيه، فمر النبي -صلى الله عليه وسلم- به، فقال:"إني أراك تمشي برجلك هذه صحيحة في الجنة". وأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهما ومولاهما، فجعلوا في قبر واحد، وأنشد له المرْزُبانيّ لما أسلم قوله:
أتوب إلى الله سبحانه ... واستغفر الله من ناره
وأثني عليه بآلائه ... بإعلان قلبي وإسراره
ثم قال: وقال سليمان بن كثير: حدثني الزُّهريّ من سمع جابرًا رضي الله تعالى عنه، وفي هذه الرواية إبهام شيخ الزهري، وقد مرَّ البحث فيه قبل بابين. قال الدارقطني في التتبع اضطراب فيه الزهري، وأجيب بمنع الاضطراب لأن الحاصل من الاختلاف فيه على الثقات أنّ الزهريّ حمله عن شيخين، وأما إبهام سُليمان لشيخ الزُّهريّ، وحذف الأوزاعي له فلا يؤثر ذلك في رواية من سماه, لأن الحجة لمن ضبط، وزاد إذا كان ثقة، لاسيما إذا كان حافظًا. وأما رواية أسامة وابن عبد العزيز، فلا تقدح في الرواية الصحيحة, لضعفهما. وقد بينا فيما مرَّ أن البخاريّ صرح بغلط أسامة فيه.
وفي الحديث فضيلة ظاهرة لقارىء القرآن، ويلحق به أهل الفقه والزهد وسائر وجوه الفضل. وهذا التعليق موصول في الزُّهريات للذُّهلي، وسليمان بن كثير مرَّ في التاسع والثلاثين من الجمعة، ومرَّ الزهريّ والراوي المبهم، الذي هو عبد الرحمن بن كعب، وجابر، في حديث المئة قبل هذا بأربعة أحاديث. ثم قال المصنف: