المختلفة متقاربٌ، فأما التي بتقديم الراء وميم واحدة، فهي فَعْلَة من الرمز، وهو الإِشارة، وأما التي بتقديم الزاي كذلك، فمن الزمر، والمراد حكاية صوته. وأما التي بمهملتين وميمين فأصله من الحركة، وهي هنا بمعنى الصوت الخفي، وأما التي بمعجمتين كذلك، فقال الخطابي: هو تحريك الشفتين بالكلام، وقال غيره: هو كلام العُلوج، وهو صوت يصوَّت من الخياشيم والحلق.
وقوله: وهو يتقي، أي يستتر. وقوله: يا صاف، بمهملة وفاء، وزن باغ. وقوله: هذا محمد، في حديث جابر "فقالت: يا عبد الله، هذا أبو القاسم، قد جاء" وكأن الراوي عبّر باسمه الذي تسمى به في الإِسلام، وأما اسمه الأول فهو صافٍ. وقوله: فثار ابن صياد، أي: قام، كذا للأكثر، وللكشميهنيّ "فثاب" بموحدة، أي رجع عن الحالة التي كان فيها. وقوله: لو تركته بَيَّن، أي أظهر لنا من حاله ما نطَّلع به على حقيقته، والضمير لأم ابن صياد، أي لو لم تعلمه بمجيئنا لتمادى على ما كان فيه، فسمعنا ما يستكشف به أمره.
ونقل بعض الشراح فجعل الضمير للزمزمة، أي لو لم يتكلم بها لفهمنا كلامه، لكن عدم فهمنا لما يقول كونه يهمهم، كذا قال. والأول هو المعتمد، وقوله: وقال شعيب: زمزمةٌ فَرَفَصه، في رواية أبي ذَرٍّ بالزايين وبالصاد المهملة، وفي رواية غيره "وقال شعيب في حديثه: فرفصه زمزمة أو رمرمة" بالشك، وسيأتي في الأدب موصولًا من هذا الوجه بالشك، لكن فيه "فَرَصَّه" بغير فاء وبالتشديد، وذكره الخطابيّ في غريبه بمهملة، أي ضَغَطه وضم بعضه إلى بعض. وقد مرَّ شعيب في السابع من بدء الوحي.
وفي قصة ابن صيّاد اهتمام الإِمام بالأمور التي يخشى منها الفساد، والتنقيب عليها، وإظهار كذب المدعي الباطل، وامتحانه بما يكشف حاله، والتجسس على أهل الريب، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يجتهد فيما لم يودع إليه فيه، وفيه الرد على من يدعي الرَّجْعة إلى الدنيا، لقوله -صلى الله عليه وسلم- لعمر:"إنْ يكن هو الذي تخاف منه فلن تستطيعه" لأنه لو جاز أن الميت يرجع إلى الدنيا لما كان بين قتل عمر له حينئذ، وكون عيسى بن مريم هو الذي يقتله بعد ذلك منافاة، ولم يذكر المصنف هنا القصة الثالثة كما مرَّ، ويأتي إن شاء الله تعالى الكلام عليها عند أول ذكرها.
وقد اختلف العلماء في أمر ابن صيّاد اختلافًا كثيرًا استوفاه ابن حجر في كتاب الاعتصام في باب "من رأى ترك النكير" الخ عند حديث جابر "أنه كان يحلف بالله أن ابن صياد الدجال لأنه سمع عمر يحلف على ذلك عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم ينكر عليه" وها أنا أذكر جميع ما ذكره هنا لتتم الفائدة بجمع ما قيل فيه هنا، فأقول.
استدل جابر بتقريره عليه الصلاة والسلام لعمر، والتقرير منه حجة، ولكن شرط العمل به أن