فجعل ينكث به الأرض" والمخصَرة بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح الصاد المهملة، هي عصا أو قضيب يمسكه الرئيس ليتوكأ عليه، ويدفع به عنه، ويشير به لما يريد، وسميت بذلك لأنها تحمل تحت الخصر غالبًا، للاتكاء عليها. في اللغة: إختصر الرجل إذا أمسك المخصرة.
وقوله: فنكَّس، بتشديد الكاف أي أطرق، وقوله: فجعل ينكث بمخصرته، قال المهلّب: نكثه الأرض بالمخصرة، أصل في تحريك الأصابع في التشهد، وقيل: هذا بعيد، وإنما هي عادة لمن يتفكر في شيء يستحضر معانيه، فيحتمل أن يكون ذلك تفكرًا منه عليه الصلاة والسلام، في أمر الآخرة, بقرينة حضور الجنازة، ويحتمل أن يكون فيما أبداه بعد ذلك لأصحابه من الحكم المذكورة.
وقوله: ما منكم من أحد، ما من نفس منفوسة، أي مصنوعة مخلوقة، واقتصر في رواية أبي حمزة والثَّوريّ على الأول. وقوله: إلا كُتب مكانها من الجنة والنار، وفي رواية سفيان "إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار". وفي هاتين الروايتين إشارة إلى حديث ابن عمر الآتي "أن لكل أحد مقعدين" وفي رواية القدر "إلا وقد كتب مقعده من النار أو من الجنة" أو: للتنويع، والظاهر أنها بمعنى الواو، لتوافق الروايتين المذكورتين.
وقوله: وإلا قد كتبت شقية أو سعيدة، إعادة "إلا" يحتمل أن يكون "ما من نفس" بل "ما منكم"، وإلا الثانية بدل من الأولى، وأن يكون من باب اللف والنشر، فيكون فيه تعميم بعد تخصيص، والثاني في كل منهما أعم من الأول.
وقوله: فقال رجل: أفلا نتكل يا رسول الله؟ وفي رواية سفيان وشعبة: فقالوا: يا رسول الله، وهذا الرجل عند مسلم عن جابر أنه سُراقة بن مالك، ولفظه "جاء سراقة فقال: يا رسول الله، أنعمل اليوم فيما جفت به الأقلام. وجرت به المقادير؟ أو فيما يستقبل؟ قال: فبما جفت به الأقلام، وجرت به المقادير، فقال: ففيم العمل؟ قال: اعملوا فكلكم مُيَسَّرٌ لما خلق له". وأخرجه الطبرانيّ وابن مردويه نحوه، وزاد "وقرأ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى} إلى قوله {لِلْعُسْرَى}.
وأخرجه ابن ماجه عن سُراقة نفسه، لكن دون تلاوة الآية، ووقع هذا السؤال وجوابه، سوى تلاوة الآية، لشريح بن عامر الكلابيّ، أخرجه أحمد والطبرانيّ ولفظه "قال: ففيم العمل إذا قال: اعملوا فكلكم ميسر لما خلق له"؟ وأخرج التِّرمذيّ عن ابن عمر قال: قال عمر: يا رسول الله، أرأيتَ ما نعمل فيه أمر مبتدع أو أمر قد فُرِغ منه؟ قال: فيما قد فرغ منه، فذكر نحوه.
وأخرج البزّار والفريابي عن أبي هُريرة أن عمر قال: يا رسول الله، فذكره، وأخرجه أحمد والبزّار والطَّبرانيّ عن أبي بكر الصديق، قلت: يا رسول الله، نعمل على ما فرغ منه .. ؟ الحديث، نحوه. وفي حديث سعد بن أبي وقّاص "فقال رجلٌ من الأنصار" والجمع بينها تعدد السائلين عن ذلك، ففي حديث عبد الله بن عمرو أن السائل عن ذلك جماعة، ولفظه "فقال أصحابه: فيم العمل إن