وقوله:"أنثى وذكر" للتأكيد أو لتنبيه رب المال ليطيب نفسًا بالزيادة. وقيل: احترز بذلك عن الخنثى، وفيه بُعد، وبنت المخاض، بفتح الميم والمعجمة الخفيفة وآخره معجمة، هي التي أتى عليها حول، ودخلت في الثاني، وحملت أُمها، والماخض الحامل، أي: دخل وقت حملها وإن لم تحمل، وابن اللَّبون هو الذي دخل في الثالثة، فصارت أمه لبوناً بوضع الحمل.
وقوله:"إلى خمس وأربعين إلى للغاية" وهو يقتضي أن ما قبل الغاية يشتمل عليه الحكم المعهود بيانه، بخلاف ما بعدها، فلا يدخل إلا بدليل، وقد دخل هنا بدليل قوله بعد ذلك:"فإذا بلغت ستًا وأربعين" فعلم أن حكمها حكم ما قبلها.
وقوله:"ففيها حِقّة طَرُوقة الجَمَل" حِقّة بكسر المهملة وتشديد القاف، والجمع حِقاف بالكسر والتخفيف، وطَرُوقة بفتح أوله، أي: مَطروقة، وهي فَعُولة بمعنى مفعولة، كَحلُولة بمعنى مَحلوية، والمراد أنها بلغت أنْ يطرقها الفحل، وهي التي أتت عليها ثلاث سنين، ودخلت في الرابعة. وقوله:"جَذَعَة" بفتح الجيم والمعجة، وهي التي أتت عليها أربع، ودخلت في الخامسة. وقوله:"فإذا بلغت" يعني ستًا وسبعين، كذا في الأصل بزيادة يعني، وكأن العدد حُذف من الأصل اكتفاءًا بدلالة الكلام، فذكره بعض رواته، وأتى بلفظ "يعني" لينبه على أنه مزيد، أو شك أَحد رواته فيه.
وقد ثبت بغير لفظ "يعني" في رواية الإسماعيليّ من طريق أخرى، فيحتمل أن يكون الشك فيه من البخاريّ، وفي رواية حمّاد بن سلمة بإثباته أيضًا. وقوله:"فإذا زادت على عشرين ومئة واحدةً فصاعدًا" وهذا قول الجمهور، وعند المالكية من إحدى وعشرين ومئة إلى تسع وعشرين حِقَّتان، أو ثلاث بنات لبون، الخيار للساعي وجدًا أو فَقْدًا، وتعيَّن أحدهما منفردًا، وعند كمال الثلاثين يكون الحكم عندهم ما في الحديث: في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حِقّة.
وعن الإصطخري من الشافعية: تجب ثلاث بنات لبون، لزيادة بعض واحدة، لصدق الزيادة، وتتصور المسألة في الشركة، ويرده ما في كتاب عمر "إذا كانت إحدى وعشرين ومئة، ففيها ثلاث بنات لبون، حتى تبلغ تسعًا وعشرين ومئة" ومقتضاه أن ما زاد على ذلك فزكاته بالإبل، وعند أبي حنيفة: إذا زادت على عشرين ومئة تستأنف الفريضة، فيكون في الخمس شاة مع الحِقَّتَين، وفي العشر شاتان، وفي خمسَ عشرة ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه، وفي خمس وعشرين بنت مخاض، وفي ست وثلاثين بنت لَبون، فإذا بلغت مئة وستًا وتسعين، ففيها أربع حِقاق إلى مئتين، ثم تستأنف الفريضة أبدًا، كما تستأنف في الخمسين التي بعد الخمسين والمئة.
واستدلوا بما رواه أبو داود وغيره من مرسل أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنّ النبي عليه الصلاة والسلام كتبه لجده، فكان فيه ما يخرج من فرائض الإبل، فقص الحديث إلى أن تبلغ عشرين ومئة، فإذا كانت أكثر من عشرين ومئة، فإنه يعاد إلى أول فريضة الإبل، وما كان أقل من خمس وعشرين ففيه الغنم، في كل خمسِ ذودٍ شاةٌ. وهذا مرسل منقطع لا تقوم به حجة.