للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "والتي أمر الله بها ورسوله" كذا في كثير من نسخ البخاريّ، وفي كثير منها بحذف "بها"، وأنكرها النَّوويّ، وفي رواية أبي داود المقدم ذكرها، "التي أمر" بغير واو، على أنها بدل من أولى. وقوله: "من سُئِلها من المسلمين على وجهها فلْيُعطِها" أي: على هذه الكيفية المبنية في هذا الحديث. وفيه دلالة على دفع الأموال الظاهرة إلى الإِمام.

وقوله: "ومَنْ سئل فوقها فلا يعط" أي: من سئل زائدًا على ذلك في سن أو عدد، فله المنع. ونقل الرافعي الاتفاقَ على ترجيحه، وقيل: معناه فليمنع الساعي وليتول هو إخراجها بنفسه، أو بساع آخر، فإنّ الساعي الذي طلب الزيادة يكون بذلك متعديًا، وشرطه أن يكون أمينًا، لكن محل هذا إذا طلب الزيادة بغير تأويل.

وقوله: "في كل أربع وعشرين من الإبل فما دونها" أي: إلى خمس. وقوله: "من الغنم" كذا للأكثر، وفي رواية ابن السكن بإسقاط "من" وصوَّبها بعضهم. قال عياض: مَنْ أثبتها فمعناه زكاتها، أي الإبل من الغنم، ومن للبيان لا للتبعيض، ومَن حذفها فالغنم مبتدأ والخبر مضمر في قوله: "في كل أربع وعشرين"، وإنما قدم الخبر لأن الغرض بيان المقادير التي تجب فيها الزكاة، والزكاة إنما تجب بعد وجود النصاب، فحسن التقديم، واستدل به على تَعَيُّن إخراج الغنم في مثل ذلك، وهو قول مالك وأحمد، فلو أخرج بعيرًا عن الأربع والعشرين لم يجزه. وقال الشافعي والجمهور: يجزؤه، لأنه يجزىء عن خمس وعشرين، فما دونها أولى، ولأن الأصل أن تجب من جنس المال، وإنما عدل عنه رفقًا بالمالك، فإذا رجع باختياره إلى الأصل أجزأه، فإن كانت قيمة البعير مثلًا دون قيمة أربع شياه، ففيه خلاف عند الشافعية وغيرهم، والأَقيس أنه لا يُجزىء.

واستدل بقوله: "في كل أربع وعشرين" على أن الأربع مأخوذة عن الجميع، وإن كانت الأربع الزائدة على العشرين وَقَصًا، وهو قول الشافعي في البُوَيطيّ. وقال في غيره: إنه عفو، ويظهر أثر الخلاف فيمن له مثلًا تسعٌ من الإبل فتلف منها أربعة بعد الحول، وقبل: التمكن، حيث قلنا إنه شرط في الوجوب، وجبت عليه شاة بلا خلاف. وكذا إذا قلنا التمكن شرط في الضمان، وقلنا الوَقَص عفو، وإن قلنا يتعلق به الفرض، وجبت خمسة أتساع شاة، والأول قول الجمهور، كما نقله ابن المنذر. قلت: الأصح في مذهب مالك إجزاء البعير عن شاة، والوَقَص بالتحريك، ويجوز إسكان القاف، وبالسين المهملة بدل الصاد، هو ما بين الفرضين عند الجمهور. واستعمله الشافعي فيما دون النصاب الأول أيضًا.

وقوله: "فإذا بلغت خمسًا وعشرين" فيه أن في هذا القدر بنتَ مخاض، وهو قول الجمهور إلا ما جاء عن عليّ، أن في خمسٍ وعشرين شياه، فإذا صارت ستًا وعشرين كانت فيها بنت مخاض، أخرجه ابن أبي شيبة وغيره، موقوفًا ومرفوعًا. وإسناد المرفوع ضعيف، وقوله: "ففيها بنت مخاض أنثى" زاد حمّاد بن سَلَمة في روايته "فإن لم تكن بنتَ مخاض، فابن لبون ذكر".

<<  <  ج: ص:  >  >>