فقال: حفص أكثر حديثًا، ولكن ابن إدريس ما خرج منه فإنه أثبت وأتقن. فقلت: أليس عبد الله أحدَّ في السنَّة؟ قال: ما أقربهما في السنة، وقال ابن عمار: كان من عباد الله الصالحين الزهّاد. وكان إذا لحن أحد في كلامه لم يحدّثه. وقال الكسائيّ: قال لي الرشيد: من أقرأ الناس؟ قلت: عبد الله بن إدريس، ثم حسين الجُعفيّ، وقال أبو حاتم: هو حجة يحتج بها، وهو إمام من أئمة المسلمين، ثقة.
وقال ابن سعد: كان ثقة مأمونًا كثير الحديث، حجة صاحب سنة وجماعة. وقال ابن حِبّان في الثقات: كان صَلبًا في الحديث. وقال النَّسائيّ: ثقة ثبت. وقال ابن خُراش: ثقة، وقال العجليّ: ثقة ثبت صاحب سنة، زاهد صالح. وكان عثمانيًا يحرم النبيذ، ويقول: كل شراب مسكر كثيره حرام يسيره، إني لكم من شُرْبه نذيرٌ. وقال أبو بكر بن أبي شَيبة سمعت ابن إدريس يقول: كتبت حديث أبي الحَوْراء، فخفت أن يتصف بأبي الجوزاء، فكتبت تحته "حور عينْ"، لأنه لم يكن الشكل قد ظهر حينئذ. وقال الخليليّ: ثقة متفق عليه. وقال أحمد بن عُبيد الله العَدانيّ: حدثنا ابن إدريس، وكان مرضيًا.
وروى وكيع أن الرشيد عرض عليه القضاء، فامتنع وقال: لا أصلح له، فولّى حفص بن غياث، فبعث الرشيد إلى ابن إدريس بخمسة آلاف، فردها فقال له: إذا جاءك ابني المأمون فحدثه. فقال: إذا جاءنا مع الجماعة حدثناه. فقال له: لم تكرمنا ولم تقبل صلتنا، وددت أني لم أكن رأيتك. فقال: وأنا وددت أني لم أكن رأيتك. وقال الحسن بن الربيع: قرىء كتاب الخليفة إلى ابن إدريس وأنا حاضر: من عبد الله هارون إلى عبد الله بن إدريس، فشهق وسقط بعد الظهر إلى العصر، وهو على حاله، فأثبته قبل المغرب، وصببنا عليه الماء، فأفاق فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، صار يعرفني حتى كتب إلي، أي ذنب بلغ بي هذا. وقال علي بن نصر الجَهْضَميّ الكبير: قال لي شُعبة: هاهنا رجل من أصحابي من علمه ومن حاله، فجعل يثني عليه، يعني ابن إدريس. وقال الساجيّ: سمعت ابن المثنى يقول: ما رأيت بالكوفة رجلًا أفضل منه.
وروى عنه الأشج أنه قال: قال لي الأعمش: والله لا أحدثك شهرًا، فقلت له: والله لا آتيك سنة، ثم أتبته بعد سنة، فقال: ابن إدريس؟: قلت: نعم. فقال: أحب أن يكون للعربي مرارة. قال الحسن بن عُرفة: حدثنا عبد الله بن إدريس قال: حدثنا ابن أبي خالد عن أبي سَبرة النخعيّ قال: أقبل رجل من اليمن، فلما كان في بعض الطريق مات حماره، فقام وتوضأ وصلى ركعتين، ثم قال: اللهم إني جئت من الدَّثينةِ مجاهدًا في سبيلك، وابتغاء مرضاتك، فأنا أشهد أنك تحيي الموتى، وتبعث من في القبور، لا تجعل لأحد عليّ اليوم مِنّةً، أطلب إليك أن تبعث لي حماري. قال: فقام الحمار ينفض أذنيه.
وقال: حسين بن عمروِ العَنقريّ: لما نزل به الموت بكت ابنته، فقال: لا تبكي. قد خَتَمت في هذا البيت أربعة آلاف خَتْمة. روى عن أبيه وعمه داود والأعمش ومنصور وابن جريج وهشام بن