عروة وغيرهم. وروى عنه مالك بن أنس، وهو من شيوخه، وابن المبارك ومات قبله، وأحمد بن حنبل ويحيى بن مُعين وإسحاق بن راهويه وغيرهم. ولد سنة مئة وعشر، ومات سنة اثنتين وتسعين ومئة في عشر ذي الحجة والزعافريّ في نسبه نسبة إلى الزَّعافر بطن من الأوْد.
ثم قال: وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- "في المعدن جبار، وفي الركاز الخمس" أي: فغاير بينهما، وهذا وصله في آخر الباب من حديث أبي هُريرة. ويأتي الكلام عليه.
ثم قال: وأخذ عمر بن عبد العزيز من المعادن من كل مئتين خمسة. وروى البيهقي عن قتادة أن عمر بن عبد العزيز جعل المعدن بمنزلة الركاز، يؤخذ منه، ثم عقب بكتاب آخر فجعل فيه الزكاة. وهذا التعليق وصله أبو عبيد في كتاب الأموال من طريق الثوريّ وعمر بن عبد العزيز في أول الإيمان قبل ذكر حديث منه.
ثم قال: وقال الحسن: ما كان من ركاز في أرض الحرب ففيه الخمس، وما كان في أرض السلم ففيه الزكاة. قال ابن المنذر: لا أعلم أحدًا فرق هذه التفرقة غير الحسن، وهذا التعليق وصله ابن أبي شيبة من طريق عاصم الأحول عنه، والحسن قد مرَّ في الرابع والعشرين من الإيمان.
ثم قال: وإن وجدت اللُّقَطَة في أرض العدو فعرفها، وإن كانت من العدو ففيها الخمس. قال في الفتح: لم أقف عليه موصولًا، وهو بمعنى ما تقدم عنه.
ثم قال: وقال بعض الناس: المعدن ركازٌ مثل دِفن الجاهلية، لأنه يقال أركز المعدن إذا خرج منه شيء، قيل له: قد يقال لمن وهب له شيء أو ربح ربحًا كثيرًا أو كثر ثمره: أركزتَ، ثم ناقض وقال: لا بأس أن يكتمه فلا يؤدي الخمس. قال ابن التين: المراد ببعض الناس أبو حنيفة، وهذا أول موضع ذكره فيه البخاريّ بهذه الصيغة، ويحتمل أن يريد به أبا حنيفة وغيره من الكوفيين ممن قال بذلك. قال ابن بطال: ذهب أبو حنيفة والثَّوري وغيرهما، إلى أن المعدن كالركاز، واحتج لهم بقول العرب: أركز الرجل إذا أصاب ركازًا، وهي قطع من الذهب تخرج من المعادن. والحجة للجمهور تفرقة النبي -صلى الله عليه وسلم- بين المعدن والركاز بواو العطف، فصح أنه غيره. قال: وما ألزم به البخاريُّ القائل المذكور قد يقال لمن وهب له الشيء أو ربح ربحًا كثيرًا أو كثر ثمرةً أركزتَ حِجةٌ بالغةٌ؛ لأنه لا يلزم من الاشتراك في الأسماء الاشتراك في المعنى إلا إن أوْجَب ذلك من يحب التسليم له، وقد أجمعوا على أن المال الموهب لا يجب فيه الخمس، وإن كان يقال له أركز، فكذلك المعدن.
وأما قوله: ثم ناقض .. إلى آخره، فليس كما قال، وإنما أجاز له أبو حنيفة أن يكتمه إذا كان محتاجًا، بمعنى أنه يتأول أن له حقًا في بيت المال، ونصيبًا في الفيء، فأجاز له أن يأخذ الخمس لنفسه، عوضًا عن ذلك. لا أنه أسقط الخمس عن المعدن. وقد نقل الطحاويّ المسألة التي ذكرها ابن بطال، ونقل أيضًا أنه لو وجد في داره معدنًا فليس عليه شيء، وبهذا يتجه اعتراض البخاريّ.