للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعلي بن أسد عن نافع عند ابن حبان، وعبد الله بن عمر عن نافع عند الحاكم في المستدرك، وكثير بن فَرْقَد عن نافع عند الحاكم أيضًا، وعبيد الله بن عمر العمري، عن نافع عند الدارقطني، ويونس بن يزيد عن نافع عند الطحاوي، في مشكله.

واستدل بهذه الزيادة على اشتراط الإِسلام في وجوب زكاة الفطر، ومقتضاه أنها لا تجب على الكافر عن نفسه، وهو أمر متفق عليه، وهل يخرجها عن غيره كمستولدته المسلمة مثلًا؟ نقل ابن المنذر فيه الإجماع على عدم الوجوب، لكن فيه وجه للشافعية، ورواية عن أحمد، وهل يخرجها المسلم عن عبده الكافر؟ قال الجمهور: لا، خلافًا لعطاء والثوري، والحنفية وإسحاق. واستدلوا بعموم قوله "ليس على المسلم في عبده صدقة إلا صدقة الفطر"، وقد مرّ. وأجاب الآخرون بأن الخاص يقضي على العام، فعموم قوله "في عبده" مخصوص بقوله "من المسلمين". وقال الطحاوي: قوله "من المسلمين" صفة للمخرجين لا للمخرج عنهم.

وظاهر الحديث يأباه، لأن فيه العبد، وكذا الصغير في رواية عمر بن نافع، فدل على أن صفة الإِسلام لا تختص بالمخرجين، ويؤيده رواية الضحاك عند مسلم بلفظ "على كل نفس من المسلمين حرًا وعبدًا" الحديث قال القرطبي: ظاهر الحديث أنه قصد بيان مقدار الصدقة ومن تجب عليه، ولم يقصد فيه بيان من يخرجها عن نفسه ممن يخرجها عن غيره، بل شمل الجميع، ويؤيده حديث أبي سعيد الآتي، فإنه دال على أنهم كانوا يخرجون عن أنفسهم وعن غيرهم، لقوله فيه "عن كل صغير وكبير" لكن لابد من أن يكون بين المخرج وبين الغير ملابسة، كما بين الصغير ووليه، والعبد وسيده، والمرأة وزوجها.

وقال الطيبي: قوله "من المسلمين" حال من العبد وما عطف عليه، وتنزيلها على المعاني المذكورة أنها جاءت مزدوجة على التضاد، للاستيعاب لا للتخصيص، فيكون المعنى: فرض على جميع الناس من المسلمين. وأما كونها فيم وجبت، وعلى من وجبت، فيعلم من نصوص أخر. ونقل ابن المنذر أن بعضهم احتج بما أخرجه، أن ابن عمر كان يخرج عن أهل بيته حرِّهم وعبدهم، صغيرهِم وكبيرِهم، مسلمهم وكافرهم، من الرقيق. قال: وابن عمر راوي الحديث، وقد كان يخرج عن عبده الكافر، وهو أعرف بمراد الحديث، وتعقب بأنه لو صح حمل على أنه كان يخرج عنهم تطوعًا، ولا مانع منه، واستدل بعموم قوله "من المسلمين" على تناولها لأهل البادية، خلافًا للزهريّ وربيعة والليث في قولهم: إن زكاة الفطر تختص بالحاضرة.

وقوله: وأمر بها أن تؤدّى قبل خروج الناس إلى الصلاة، وهذا الأمر أمر استحباب، واستدل به على كراهة تأخيرها عن ذلك، وهذا هو قول الأئمة جميعًا. وقال ابن حَزم الأمر فيه للوجوب، فيحرم تأخيرها عن ذلك الوقت.

<<  <  ج: ص:  >  >>