والصلاةُ والسَّلامُ على النبيِّ الكريم، وعلى آله وصحبه أُولي الفضل العميم. وبعد: أيُّها القارىء الكريمُ، هذا شرحٌ لصحيح الإِمام محمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي البخاري، جاء فريدًا في أسلوبه، ودِقة أبحاثه، بزَّ ما قبله، رَغْمَ ما أولى علماءُ المسلمين هذا الصحيح من دِراسةٍ، وشرح، وتمحيص، متعدِّدة المناهج والمشارب، والتي قيل: إنها بلغت خمسين ما بَيْن تعليقٍ وشرحٍ.
لقد كان المؤلفُ رحمه الله -في دروسه- يُوفي رجالَ السند حقَّهم من تعريفٍ وتجريحٍ وتعديلٍ، ثم يَعْمَدُ إلى شرحِ مفرداتِ الحديثِ، وما فيه من أمور لغوية، ومصطلح الحديث، ثم يبدأ في شرح الحديث، وما أخذه من العلماء، ومَنْ عَمِلَ به مِن علماءِ المذاهب، وذلك ما ستراه في هذا الكتاب (كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري) وما أصعب كشف خباياه لولا ما مَنَّ الله به على صاحبه من سَعَةٍ في العلم ودِقة وجهد وإخلاص.
والمؤلفُ أَيها القارىء الكريم: هو محمَّد الخَضِر بن سيد عبد الله بن أحمد الملقب (بما يأبى) لكرمه وسخائه كان لا يرد سائلًا ولا يأبى حتى لُقِّبَ بهذا اللقب (الجكني) نسبة إلى قبيلة من أعظم قبائل شنقيط الجامعة بين العلم والسطوة. (الشنقيطي) نسبةً إلى قطر شنقيط. المعروف اليوم باسم الجمهورية الإِسلامية الموريتانية.
أخذ عن والده، وأجلَّة علماء ذلك القطر العربي الإِسلامي، حتى أُنيط به الافتاءُ العام، ثم القاضي الأكبر بلا منازع وكان القضاء في ذلك