الزمان لا يُنال بالتعيين، ولكن ببروزِ العالمِ وتفوقهِ، وإقرار العلماء له بالتفوُّق، فحينئذ يقومُ أمير البلاد باعتماد آرائه وتنفيذِ أحكامه.
وكان صاحبَ مدرسةِ علم يَؤُمُّهَا طلبةُ العلم من جميع أنحاء البلاد والبلدان الإفريقية المجاورة.
وحينما هاجم الإِفرنسيون تلك البلاد ١٣٢١ هـ / ١٩٠٣ م - دعا للجهادِ، وقال الجيوشَ مع أمير البلاد الأمير عثمان بن بكار بن أسويد أحمد (صهره) في حرب استمرَّت أربعَ سنين، ولما ظهر تغلُّبُ الإِفرنسيين، توجه مع الأمير عثمان إلى المغرب الأقصى يَطلبُ النجدة من سلطانها، وصادفَ أن كانت حربٌ بين السلطان عبد العزيز وأخيه السلطان مولاي عبد الحفيظ الذي استتبَّ له الأمرُ، وبذلك السبب لم يجد عونًا حقيقيًا مفيدًا، فقرَّر البقاء في المغرب ونوى الهجرة، فأقام فيها خمسَ سنين أستاذًا للسلطان عبد الحفيظ. (وهو من أجلِّ العلماء وصاحب تآليف كثيرة) ورئيسًا للعلماء.
وحينما أعلنت فرنسا الحماية على المغرب، قرر الاستمرار في الهجرة، ورحل إلى المدينة المنورة سنة ١٣٣٠ هـ - ١٩١٢ م مجاورًا، ومدرسًا بالحرم الشريف النبوي، وعُيِّنَ فيها مفتيًا للمذهب المالكي وفي سنة ١٣٤١ هـ - ١٩٢٢ م ذهب إلى الاردن، حيث عُينَ قاضيًا للقضاة، وأقام بضعَ سنين، ثم رأى التجوال في العالم الإِسلامي، ونشر العلم، فسافر إلى العراق ومصر وتركيا وسوريا وإِمارات الخليج والهند وقد ترك فيها كثيرًا من طلبة العلم، الذين اجتمعوا فيما بعد في أعلى المراكز الدينية، وكان دائم الرجاء من الباري جل شأنه الرجوع إلى المدينة المنورة والموت فيها، وقد تَمَّ له ما طلب فرجع إليها، ومات سنة ١٣٥٤ هـ - ١٩٣٦ م تغمَّده الله برحمته، وأسكنه فسيح جناته.
كان رحمه الله مالكيَّ المذهب، وأراد المقارنَة بين المذاهب الأَربعة وأدلة كل منهم في كتابه "إيضاح مختصر خليل بمذاهب الأربعة وأصح