الدابة، وقد أفرد ابن منده أسماء من أردفه النبي -صلى الله عليه وسلم- خلفه، فبلغوا ثلاثين نفسًا.
وفيه بيان ما ركب في الآدمي من الشهوة، وغلبة طباعه عليه من النظر إلى الصور الحسنة.
وفيه منع النظر إلى الأجنبيات وغضُّ البصر. قال عياض: وزعم بعضهم أنه غير واجب إلا عند خشية الفتنة، قال: وعندي أن فعله -صلى الله عليه وسلم- إذْ غطَّى وجه الفضل أبلغُ من القول، ثم قال: لعل الفضل لم ينظر نظرًا يُنْكَرُ بل خشي أن يَؤُول إلى ذلك، أو كان قبل نزول الأمر بإدناءِ الجلابيب.
ويؤخذ منه التفريق بين الرجال والنساء خشية الفتنة، وجواز كلام المرأة وسماع صوتها للأجانب عند الضرورة، كالاستفتاء عن العلم، والترافع في الحكم والمعاملة.
وفيه أنَّ إحرام المرأة في وجهها فيجوز لها كشفه في الإحرام. وروى أحمد وابن خزيمة عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال للفضل حين غطى وجهه يوم عرفة:"هذا يومٌ مَنْ ملكَ فيه سمعه وبصره ولسانه غفِرَ له" ولم يُنقَل أنَّه نهى المرأة عن النظر إلى الفضل، وكان جميلًا، ويُحتَملُ أن يكون الشارع اجتزأ بمنع الفضل لما رأى أنها تعلم بذلك منع نظرها إليه لأنَّ حكمهما واحدٌ، أو تنبَّهت لذلك، أو كان ذلك الموضع هو محل نظره الكريم، فلم يصرف نظرها. وقال الداوودي: فيه احتمال أن ليس على النساء غضُّ أبصارهنَّ عن وجوه الرجال، إنما يَغْضُضْنَ عن عوراتهم.
وفي هذا الحديث أيضًا النيابة في السؤال عن العلم، حتى من المرأة عن الرجل، وأنَّ المَحرم ليس من السبيل المشترط في الحج، وقالت المالكية إنه شرط فيه، أو تكون في رفقة مأمونة، والرواية المتقدمة "أنها كانت مع أبيها" ترد على من لم يشترطه.
وفيه برُّ الوالدين والاعتناء بأمرهما والقيام بمصالحهما من قضاء دين وخدمة ونفقة، وغير ذلك من أَمور الدين والدنيا.
واستُدلَّ به على أنَّ العمرة غير واجبة لكون الخثعمية لم تذكرها، ولا حجة فيه لأن مجرد ترك السؤال لا يدل على عدم الوجوب لاستفادة ذلك من حكم الحج، ولاحتمال أن يكون أبوها قد اعتمر قبل الحج، على أن السؤال عن العمرة والحج قد وقع في حديث أبي رزين كما مرَّ.
وقال ابن العربي: حديث الخثعمية أصل متفق على صحته في الحج، خارج عن القاعدة