للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن أمره عليه الصلاة والسلام بذلك كان بعد الطواف، وقد قيل إنه أمرهم به بسرف، ولا منافاة بينهما، فالثاني تكرار للأول وتأكيد له.

وقوله: "ونساؤه لم يسقن فأحللن"، وعائشة منهن لكن منعها من التحلل أنها حاضت ليلة دخولها مكة، وقد مضى في الباب قبله بيان ذلك، وأنها بكت، وأن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال لها: كوني في حجك فظاهره أنه عليه الصلاة والسلام أمرها أن تجعل عمرتها حجًا، ولهذا قالت: يرجع الناس بحج وعمرة، وأرجع بحج، فأعمرها لأجل ذلك من التنعيم، وقال مالك: ليس العمل على حديث عروة قديمًا ولا حديثًا، قال ابن عبد البر: ليس عليه العمل في رفض العمرة، وجعلها حجًا بخلاف جعل الحج عمرة، فإنه وقع للصحابة، وقد اختلف في جوازه من بعدهم كما مرَّ قريبًا، لكن أجاب جماعة من العلماء عن ذلك باحتمال أن يكون معنى قوله: ارفضي عمرتك، أي: اتركي التحلل منها وأدخلي عليها الحج، فتصير قارنة إلى آخر ما مرَّ مستوفى عند ذكر حديث عروة في باب امتشاط المرأة عند غسلها من المحيض من كتاب الحيض.

وقوله: "وأرجع أنا بحجة" في رواية الكشميهني: وأرجع لي بحجة، أي: ليس لي عمرة منفردة عن حج حرصت بذلك على تكثير الأفعال كما حصل لسائر أمهات المؤمنين وغيرهن من الصحابة الذين فسخوا الحج إلى العمرة، وأتموا العمرة وتحللوا منها قبل يوم التروية، وأحرموا بالحج يوم التروية من مكة، فحصل لهم حجة منفردة وعمرة منفردة، وأما عائشة فإنما حصل لها عمرة مندرجة في حجة بالقران، فأرادت عمرة منفردة كما حصل لبقية الناس.

وقوله: "موعدك كذا وكذا" في الرواية السابقة في باب قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} ثم ائتنا هاهنا، أي: المحصب.

وقوله: "قالت صفية ما أُراني" بضم الهمزة، أي: ما أظن نفسي.

وقوله: "إلا حابستهم" بالنصب، أي: القوم عن المسير إلى المدينة، لأني حضت ولم أطف بالبيت، فلعلهم بسببي يتوقفون إلى زمان طوافي بعد الطهارة، وإسناد الحبس إليها مجاز، وفي نسخة: حابستكم بكاف الخطاب، وكانت صفية كما سيأتي إن شاء الله تعالى قد حاضت ليلة النفر، فأراد النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يريد الرجل من أهله، وذلك وقت النفر، قالت عائشة: يا رسول الله إنها حائض.

وقوله: "قال عقرا حلقى" بفتح الأول وسكون الثاني فيهما وألفهما مقصورة للتأنيث فلا ينوَّنان، ويكتبان بالألف، هذا الذي لا يكاد يعرف غيره عند المحدثين، وفيه خمسة أوجه:

الأول أنهما وصفان لمؤنث بوزن فعلى، أي عقرها الله في جسدها وحلقها، أي: أصابها

<<  <  ج: ص:  >  >>