مسلم، وليس فيه لفظ: وقرنت، وأخرج حديث مجاهد عن عائشة، قالت: لقد علم ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد اعتمر ثلاثًا سوى التي قرنها في حجته، أخرجه أبو داود، وقال البيهقي: تفرد أبو إسحاق عن مجاهد بهذا، وقد رواه منصور عن مجاهد بلفظ: فقالت: ما اعتمر في رجب قط، وقال: هذا هو المحفوظ كما يأتي في أبواب العمرة، وأشار إلى أنه اختلف فيه على أبي إسحاق، فرواه زهير بن معاوية عنه هكذا، ثم روى حديث جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حج حجتين قبل أن يهاجر، وحجة قرن معها عمرة بعد أن هاجر، وحكي عن البخاري أنه أعلَّه لأن من رواته زيد بن الحباب عن الثوري، عن جعفر، عن أبيه، وزيد ربما يهم في الشيء، والمحفوظ عن الثوري مرسل، والمعروف عن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أهل بالحج خالصًا، ثم روى حديث مجاهد عن عائشة، وأعلَّه بداود العطار، وقال إنه تفرَّد بِوَصْله عن عمرو بن دينار عن ابن عباس، ورواه ابن عيينة عن عمرو بن دينار، فأرسله لم يذكر ابن عباس، ثم روى حديث الصبي بن معبد أنه أهل بالحج والعمرة معًا، فأنكر عليه، فقال له عمر: هديت لسنة نبيك، الحديث، وهو في السنن، وفيه قصة.
وأجاب عنه بأنه يدل على جواز القران لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان قارنًا، ولا يخفى ما في الأجوبة من التعسف، واستدل القائلون بالإِفراد بأنه لا يجب فيه دم بالإِجماع بخلاف التمتع والقران، وهذا ينبني على أن دم القران دم جبران، وقد منعه من رجح القران، وقال إنه دم فضل وثواب كالأضحية، ولو كان دم نقص لما قام الصيام مقامه، ولأنه يؤكل منه، ودم النقص لا يؤكل منه كدم الجزاء، قال في "الفتح": ويترجح رواية من روى القران بأمور منها أن معه زيادة علم على من روى الإفراد وغيره، وبأن من روى الإِفراد والتمتع اختلف عليه في ذلك، فأشهر من روى عنه الإِفراد عائشة، وقد ثبت عنها أنه اعتمر مع حجته، وابن عمر.
وقد ثبت عنه أنه -صلى الله عليه وسلم- بدأ بالعمرة، ثم أهلَّ بالحج كما سيأتي في أبواب الهدى، وثبت أنه جمع بين حج وعمرة، ثم حدث أن النبي-صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك، وسيأتي أيضًا، وجابر، وقد قال إنه اعتمر مع حجته أيضًا، وروى القران عنه جماعة من الصحابة لم يختلف عليهم فيه، وبأنه لم يقع في شيء من الروايات النقل عنه من لفظه أنه قال: أفردت ولا تمتعت، بل صح عنه أنه قال: قرنت، وصح عنه أنه قال: لولا أن معي الهدي لأحللت، وأيضًا فإن من روى عنه القران لا يحتمل حديثه التأويل إلا بتعسف بخلاف من روى الإِفراد فإنه محمول على أول الحال، وينتفي التعارض، ويؤيده أن من جاء عنه الإِفراد جاء عنه صورة القِران، ومن روى عنه التمتع، فإنه محمول على الاقتصار على سفر واحد للنسكين، ويؤيده أن من جاء عنه