عبادة سنة خمس ومائتين يسأل يحيى بن معين عن أشياء يقول: يا أبا زكريا: كيف حديث كذا وكذا، يريد أن يستثبته في أحاديث قد سمعوها، كلما قال يحيى كتبه أحمد، وقلما سمعت أحمد يسميه باسمه بل بكنيته، وقال أحمد أيضًا: هاهنا رجل خلقه الله تعالى لهذا الشأن يظهر كذب الكذابين، يعني ابن معين.
وقال الأثرم: رأى أحمدُ يحيى بن معين بصنعاء يكتب صحيفة معمر عن أبان، عن أنس، فقال له أحمد: تكتب هذه الصحيفة وتعلم أنها موضوعة، فلو قال لك قائل أنت تتكلم في أبان، ثم تكتب حديثه على الوجه، فقال: نعم أكتبها فاحفظها، وأعلم أنها موضوعة حتى لا يجيء إنسان بعده فيجعل لنا ثانيًا.
وقال أحمد أيضاً: حديث لا يعرفه ابن معين، فليس هو بحديث، وفي رواية: فليس هو ثابتًا.
وقال أبو حاتم: إذا رأيت البغدادي يحب أحمد فاعلم أنه صاحب سنة، وإذا رأيته يبغض ابن معين فاعلم أنَّه كذَّاب إنما يبغضه لما بين من أمر الكذابين.
وقال أبو زرعة: لم ينتفع به لأنه كان يتكلم في الناس ويروى هذا عن عليّ من وجوه، وقال الحسن بن عليل العنزي: حدثنا يحيى بن معين، قال: أخطأ عفان في نيف وعشرين حديثًا، ما أعلمت أحدًا به، وأعلمته فيما بيني وبينه، ولقد طلب إليَّ خلف بن سالم أن أذكرها فما قلت له قال يحيى، وما رأيت على رجل قط خطأ إلا سترته، وما استقبلت رجلًا في وجهه بما يكره، ولكن أُبين له خطأه، فإن قبل، وإلا تركته.
وقال يحيى أيضًا: من لم يكن سمحًا في الحديث كان كذابًا، قيل له: كيف يكون سمحًا؟ قال: إذا شك في الحديث تركه، وقال إبراهيم بن هانىء: رأيت أبا داود يقع في يحيى بن معين، فقلت: تقع في مثل يحيى؟ فقال: من جر ذيول الناس جروا ذيله.
وقال أبو زرعة الرازي: كان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عن أحد ممن امتحن فأجاب، وذكر ابن معين وأبا نصر التمَّار، وذكر ابن عباس الدوري أن يحيى بن معين انفرد بأشياء في الفقه خالف فيها مذهه في زكاة الفطر، قال: لا بأس أن يعطى فضة، وقال: لا أرى أن يتزوج الرجل امرأته على سورةٍ من القرآن، وقال في الرجل يصلي خلف الصف وحده: يعيد، وفي امرأة ملّكتْ أمرها رجلًا فأنكحها، قال: بل يذهب إلى القاضي، فإن لم يكن فإلي الوالي، وذكر عنه أشياء غير ذلك.