للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عمرو الناقد: ما كان في أصحابنا أعلم بالإسناد من يحيى بن معين ما قدر أحد يقلب عليه إسنادًا قط، وسئل الفرهياني عن يحيى وأحمد وعليّ وأبي خيثمة، فقال: أما عليّ فاعلمهم بالعلل، وأما يحيى، فأعلمهم بالرجال، وأحمد بالفقه، وأبو خيثمة من النبلاء، وقيل لابن الرومي: سمعت بعض أصحاب الحديث يحدث بأحاديث يحيى، ويقول: حدثني من لم تطلع الشمس على أكبر منه فقال وما يعجب: سمعت ابن المديني يقول: ما رأيت في الناس مثله، وقيل لابن الرومي أيضًا: سمعت أبا سعيد الحداد يقول: الناس كلهم عيال على يحيى بن معين، فقال: صدق، ما في الدنيا مثله، وقال ابن الرومي: ما رأيت أحدًا قط يقول الحق في المشايخ غير يحيى، وقال هارون بن بشير الرازي: رأيت يحيى بن معين استقبل القبلة رافعًا يديه يقول: اللهم إن كنت تكلمت في رجلٍ وليس كذابًا، فلا تغفر لي، وقال هارون بن معروف: قدم علينا بعض الشيوخ من الشام فكنت أول من بكر عليه، فسألته أنْ يمليَ عليَّ شيئًا، فأخذ الكتاب يملي، فإذا بإنسان يدق الباب، فقال الشيخ: من هذا؟ قال: أحمد بن حنبل، فأَذن له والشيخ على حاله، والكتاب في يده لا يتحرك، فإذا بآخر، فذكر أحمد بن الدورقي، وعبد الله بن الرومي، وزهير بن حرب كلهم يدخل والشيخ على حالته، فإذا بآخر يدق الباب. قال الشيخ: من هذا؟ قال يحيى بن معين: فرأيت الشيخ ارتعدت يده، ثم سقط الكتاب من يده، وقال يحيى بن معين: قدم علينا عبد الوهاب بن عطاء، فكتب إلى أهل البصرة: قدمت بغداد وقبلني يحيى بن معين والحمد لله.

وقيل لابن الرومي أيضًا: سمعت أبا سعيد الحداد يقول: لولا ابن معين ما كتبت الحديث، وإنا لنذهب إلى الحديث فننظر في كتبه فلا نرى فيها إلا كل حديث صحيح حتى يجيء أبو زكرياء، فأول شيء يقع في يده الخطأ، ولولا أنه عَرَّفْنَاه ما عرفناه، قال ابن الرومي: وما يعجب، لقد نفعنا الله تعالى به، ولقد كان المحدث يحدثنا لكرامته عليه، ولقد كنا في مجلس لبعض أصحابنا، فقلت له: يا أبا زكريا، أما نفيدك حديثاً وفينا يومئذ عليّ وأحمد، فقال: ما هو؟ فقلت: حديث كذا وكذا، فقال: هذا غلط، فكان كما قال.

وقال ابن الرومي: كنت عند أحمد، فجاء رجل فقال: يا أبا عبد الله أُنظر في هذه الأحاديث، فإن فيها خطأ، قال: عليك بأبي زكريا، فإنه يعرف الخطأ، قال: وكنت أنا وأحمد نختلف إلى يعقوب بن إبراهيم في المغازي، فقال أحمد: إن يحيى هنا، قلت: وما نصنع به، قال: يعرف الخطأ، وقال أحمد: كان ابن معين أَعلمنا بالرجال، وقال أيضًا: السماع مع يحيى بن معين شفاء لما في الصدور، وقال الدوري: رأيت أحمد في مجلس روح بن

<<  <  ج: ص:  >  >>