وقوله:{لِمِثْلِ هَذَا}[الصافات: ٦١] أي الفوز العظيم.
وقوله:{فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ}[الصافات: ٦١] أي في الدنيا، والظاهر أن المصنف تأولها بما تأول به الآيتين المتقدمتين، أي: فليؤمن المؤمنون لذلك الفوز العظيم، لا للحظوظ الدنيوية المشوبة بالآلام السريعة الانصرام، أو يُحمل العمل على عمومه، لأن من آمن لا بد أن يقبل، ومن قبل فمن حقه أن يعمل، ومن عمل لا بد أن ينال، فإذا وصل "قال لمثل هذا فليعمل العاملون" والقائل يحتمل أن يكون المؤمن الذي رأى قرينه، ويحتمل أن يكون كلامه انقضى عند قوله:{الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[الصافات: ٦٠] والذي بعده ابتداءٌ من قول الله تعالى أو بعض الملائكة لا حكاية عن قول المؤمن، والاحتمالات مذكورة في التفسير، ولعل هذا هو السِّرُّ في إبهام المصنف القائل، فإن كان غرض البخاري من هذا الباب وغيره إثبات أن العمل من أجزاء الإِيمان ردًّا على من قال: إن العمل لا دخل له في ماهية الإِيمان، فهذا الغرض غير تام إذ لا يَخْفى أن العمل ليس من نفس الإِيمان، وإن كان مراده جواز إطلاق العمل على الإِيمان فلا نزاع فيه، لأن الإِيمان عمل القلب، وهو التصديق، وقد مرّ الكلام عليه مستوفى.