وقوله في آخر الحديث:"فكان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يقول: لا يرث المؤمن الكافر" في رواية الإسماعيلي، فمن أجل ذلك كان عمر يقول، وهذا القدر الموقوف على عمر قد ثبت مرفوعًا بهذا الإسناد، وهو عند المصنف في المغازي عن محمد بن أبي حفصة ومعمر، عن الزهري، وأخرجه مفردًا في الفرائض عن ابن جريج، ولفظ رواية المغازي: لا يرث المؤمن الكافر ولا السفر المؤمن، ولفظ رواية الفرائض: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم، ويأتي قريبًا ما فيها من الروايات.
وقوله:{أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} الآية، بالنصب يعني: بتمامها أو بتقدير اقرا، يعني أنهم كانوا يفسرون قوله تعالى:{بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ} بولاية الميراث، أي: يتولى بعضهم بعضًا في الميراث وغيره وكان المهاجرون والأنصار يتوارثون بالهجرة والنصرة دون الأقارب حتى نسخ الله تعالى ذلك بقوله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ}، والذي يفهم من الآية المسوقة هنا أن المؤمنين يرث بعضهم بعضًا، ولا يلزم منه أن المؤمن لا يرث الكافر، لكنه مستفاد من بقية الآية المشار إليها بقول المصنف الآية، وهي قوله:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} أي: من توليهم في الميراث لأن الهجرة كانت في أول عهد البعثة من تمام الإيمان، فمن لم يكن مهاجرًا كأنه ليس مؤمنًا، فلهذا لم يرث المؤمن المهاجر من لم يهاجر تقدم لفظ الحديث:"لا يرث المؤمن الكافر"، وأخرجه النسائي بلفظ:"لا يتوارث أهل ملتين"، وجاءت رواية شاذة عن ابن عيينة مثلها، وله شاهد عند الترمذي، عن جابر، وآخر عند أبي يعلى عن عائشة، وثالث من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده في السنن الأربعة، وسند أبي داود فيه إلى عمرو صحيح، وتمسك بها من قال: لا يرث أهل ملة كافرة من أهل ملة أخرى كافرة.
وجملها الجمهور على أن المراد بإحدى الملتين الإِسلام وبالأخرى الكفر، فيكون مساويًا للرواية التي بلفظ حديث: وهو أولى من حملها على ظاهر عمومها، حتى يمتنع على اليهودي مثلًا أن يرث من النصراني.
ومذهب مالك أن اليهودي والنصراني لا يتوارثان، وما سواهما من الكفر كمجوسي وعابد وثن، ودهري ملّة واحدة يرث بعضهم بعضًا.
والأصح عند الشافعية أن الكافر يرث الكافر، وهو قول الحنفية والأكثر ومقابله عن أحمد،