للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهودج، ثم أطلق على المرأة مطلقًا، وفي رواية أبي داود: إنا كنا نصنع هذا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفي رواية مالك: لقد كنا نفعل ذلك مع من هو خير منك، تعني النبي -صلى الله عليه وسلم-.

واستدل بهذا الحديث على جواز الرمي قبل طلوع الشمس عند من خص التعجيل بالضعفة، وعند من لم يخصص، وخالف في ذلك الحنفية، فقالوا: لا يرمي جمرة العقبة إلا بعد طلوع الشمس، فإن رمى قبل طلوع الشمس وبعد الفجر جاز، وإن رماها قبل الفجر أعادها، وبهذا قال أحمد وإسحاق والجمهور. وزاد إسحاق: ولا يرميها قبل طلوع الشمس، وبه قال النخعي ومجاهد والثوري وأبو ثور، ورأى جواز ذلك قبل طلوع الفجر عطاء وطاووس والشعبي والشافعي، ومذهب الشافعي رمي الجمرة من نصف الليل.

واستدل بحديث عائشة أخرجه أبو داود بإسناد صحيح أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرسل أم سلمة ليلة النحر، فرمت قبل الفجر ثم أفاضت، فدل على أن وقت الرمي بنصف ليلة النحر لأنه عليه الصلاة والسلام علق الرمي بما قبل الفجر، وهو صالح لجميع الليل، ولا ضابط له، فجعل النصف ضابطًا لأنه أقرب إلى الحقيقة مما قبله، ولأنه وقت به للدفع من مزدلفة، ولأذان الصبح، فكان وقت الرمي كما بعد الفجر، ومذهب مالك: يحل بطلوع الفجر، وقبله لغو حتى للنساء والضعفة، واحتج الشافعي أيضًا بحديث أسماء هذا، واحتج إسحاق والحنفية بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لغلمان بني عبد المطلب: "لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس"، وهو حديث حسن أخرجه أبو داود والنسائي والطحاوي وابن حبان عن الحسن العُرَن بضم المهملة، وفتح الراء عن ابن عباس، وأخرجه الترمذي والطحاوي عن مقسم عنه، وأخرجه أبو داود عن عطاء، عنه، وهذه الطرق يقوي بعضها بعضًا، ومن ثم صححه الترمذي وابن حبان، وإذا كان من رخص له منع أن يرمي قبل طلوع الشمس، فمن لم يرخص له أولى.

ويجمع بين حديث ابن عباس هذا وحديث أسماء بجمل الأمر في حديث ابن عباس على الندب، ويؤيده ما أخرجه الطحاوي عن شعبة مولى ابن عباس عنه، قال: بعثي النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أهله، وأمرني أن أرمي مع الفجر، وقال ابن المنذر: السنة أن لا يرمي إلا بعد طلوع الشمس كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا يجوز الرمي قبل طلوع الفجر لأن فاعله مخالف للسنة، ومن رمى حينئذ فلا إعادة عليه إذ لا أعلم أحدًا قال: لا يجزئه.

واستدل به أيضًا على إسقاط الوقوف بالمشعر الحرام عن الضعفة، ولا دلالة فيه؛ لأن رواية أسماء ساكنة عن الوقوف، وقد بينته رواية ابن عمر التي قبلها، وقد اختلف السلف في

<<  <  ج: ص:  >  >>