فبينا سعد في شعْب من شِعاب مكة في نفر من أصحابه، إذ ظهر عليهم المشركون، فنافروهم وعابوا عليهم دينهم حتى قاتلوهم، فضرب سعد رجلًا من المشركين بِلَحْي جمل فشجه، فكان أول دم أريق في سبيل الله. وهو أيضًا أول من رمى بسهم في سبيل الله، وكان يقال له: فارس الإِسلام، وكان رميه ذلك في جيش عُبَيْدة بن الحارث حين بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - يلقَى عير قريش فترامَوْا بالنَّبْل وفي ذلك يقول سعد:
ألا هل أتى رسولَ الله أنّي ... حَمَيْتُ صحَابتي بصُدُور نَبْلي
فَمَا يَعتَدُّ رامٍ من مَعَدٍّ ... بَسَهم في سبيل الله قَبْلي
وجمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له وللزبير أبويه، فقال لكل واحدٍ منهما فيما روي عنه:"ارمِ فداكَ أبي وأمّي" ولم يقل ذلك لأحد غيرهما فيما يقولون.
وروى التِّرمذي من حديث جابر: أقبل سعدٌ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا خالي فَلْيُرِني امرؤٌ خاله".
وروى الشيخان من حديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قدم المدينة أرِق ليلة، فقال:"ليت رجلًا صالحًا من أصحابي يحرُسُني" إذ سمعنا صوت السلاح، فقال:"مَن هذا؟ " قال: أنا سعد. فقام، وفي رواية فدعا له.
وفي الزُّبَير بن بكار من حديث عامر بن سعد، عن أبيه قال: كان رجلٌ من المشركين قد أحرق المسلمين، فنزعت له سهمًا، فأصبت جبهته، فوقع وانكشفت عورته، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وسماه الواقِدِيّ حِبّان بن العرقة، وزاد أنه رمى بسهم، فأصاب ذيل أم أيْمن، وكانت جاءت تسقي الجرحى، فضحك منها، فدفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهمًا لسعد، فوقع السهم في نحر حِبّان، فوقع مستلقيًا، وبدت عورته، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال:"استعاذ لها".