أسماء في أوائل صفة الصلاة بلفظ:"دنت مني الجنة حتى لو اجترأت عليها لجئتكم بقِطْف من قِطافها" ومنهم من حمله على أنها مُثِّلت له في الحائط كما تنطبع الصورة في المرآة، فرأى جميع ما فيها، ويؤيده حديث أنس الآتي في التوحيد:"لقد عُرضت علي الجنةُ والنار آنفًا في عرض هذا الحائط وأنا أصلي". وفي رواية:"لقد مُثِّلت" ولمسلم: "لقد صُوِّرت" ولا يرد على هذا أن الانطباع إنما هو في الأجسام الصَّقيلة، لأنا نقول هو شرط عادي، فيجوز أن تنخرق العادة خصوصًا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، لكن هذه قصة أخرى وقعت في صلاة الظهر، ولا مانع من أن يرى الجنة والنار مرتين بل مرارًا على صور مختلفة، وأبْعَد من قال: إن المراد بالرؤية رؤية العلم، فإنه كان عالمًا علمًا تامًا بهما قبل هذا الوقت. قال القُرطبيّ: لا إِحالة في إبقاء هذه الأمور على ظواهرها، سيما على مذهب أهل السنة في أن الجنة والنار مخلوقتان موجودتان، فيرجع إلى أن الله تعالى خلق لنبيه عليه الصلاة والسلام إدراكًا خاصًا به أدرك به الجنة والنار على حقيقتهما.
وقوله:"ولو أصَبْته" في رواية مسلم: "ولو أخذته" واستشكل مع قوله: "تناولت" وأجيب يحمل التناول على تكلف الأخذ لا حقيقة الأخذ، أو بأن الإِرادة مُقَدَّرة، أي: أردت أن أتناول، ثم لم أفعل، ويؤيده حديث جابر عند مسلم:"ولقد مَدَدتُ يدي وأنا أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه، ثم بدا لي أن لا أفعل" ومثله للمصنف في آخر الصلاة عن عائشة بلفظ: "حتى لقد رأيْتُني أريد أن آخذ قِطفًا من الجنة حين رأيتُموني جَعَلت أتقدم" ولعبد الرزاق من طريق مُرسلة: "أردتُ أن آخذ منها قِطفًا لأُريكُموه، فلم يُقدَّر" ولأحمد من حديث جابر: "فحِيل بيني وبينه" وقيل: المراد تناولت لنفسي، ولو أخذته لكم، وليس بجيد. وقيل: المراد بقوله: "تناولت" أي: وضعت يدي عليه، بحيث كنت قادرًا على تناوله، لكن لم يقدر لي قطفُه، "ولو أصبته" أي: لو تمكنت من قطفه، ويدل عليه قوله في حديث عقبة بن عامر عند ابن خُزيمة:"أهوى بيده ليتناول شيئًا"