وللمصنف في أوائل الصلاة عن أسماء:"حتى لو اجترأت عليها" وكأنه لم يؤذن له في ذلك، فلم يجترىء عليه.
قال ابن بَطّال: لم يأخذ العنقود لأنه من طعام الجنة، وهو لا يفنى، والدنيا فانية لا يجوز أن يؤكل فيها ما لا يَفنى. وقيل: إنه لو رآه الناس لكان من إيمانهم بالشهادة لا بالغيب، فيُخشى أن يقع رفع التوبة، فلا ينفع نفسًا إيمانها. وقيل: لأن الجنة جزاء الأعمال، والجزاء بها لا يقع إلا في الآخرة، وأما قول ابن العربي عن بعض شيوخه: إن معنى قوله: "لأكلتم منه" أن يخلق في نفس الآكل مثل الذي أكل دائمًا، بحيث لا يغيب عن ذوقه، فهو باطلٌ، لأنه رأي فلسفيٌّ مبنيٌّ على أن دار الآخرة لا حقيقة لها، وإنما هي أمثال، والحق أن ثمار الجنة لا مقطوعة ولا ممنوعة، وإذا قطعت خلقت في الحال، فلا مانع أن يخلق الله مثل ذلك في الدنيا إذا شاء، فالفرق بين الدارين في وجوب الدوام وجوازه.
قوله:"ورأيتُ النار" وقع في رواية عبد الرزاق أن رؤيته النار كانت قبل رؤيته الجنة، وذلك أنه قال فيه: عرضت على النبي - صلى الله عليه وسلم - النار، فتأخر عن مصلاه، حتى إن الناس ليركب بعضهم بعضًا، وإذا رجع عُرضت عليه الجنة، فذهب يمشي حتى وقف في مُصلاه. ولمسلم من حديث جابر:"لقد جيء بالنار حين رأيتموني تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها" وفيه: "ثم جيء بالجنة وذلك حين رأيتموني تقدمت، حتى قمت في مقامي" وزاد فيه: "ما من شيء توعدونه إلا قد رأيتُهُ في صلاتي هذه" وفي حديث سَمُرة عند ابن خُزيمة: "لقد رأيتُ منذ قُمت أصلي ما أنتم لاقون في دُنياكم وآخرتكم".
وقوله:"يكفُرن" بياء المضارعة، جملة مستأنفة تدل على السؤال، كأنه جواب سؤال سائل سأل: يا رسول الله لم؟ قال:"يكفرن"، وفي رواية "بكفرهن" أي: بسبب كفرهن.
وقوله:"يكفُرن العشير" أي: الزّوج، أو المعاشر مطلقًا كما مر قريبًا.
قال الكِرْماني: لم يُعدِّ كفر العشير بالباء كما عدى الكفر بالله، لأن كفر