وقوله:"ويكفُرن الإِحسان" كأنه بيان لقوله: "يكفرن العشير" لأن المقصود كفر إحسان العشير لا كفر ذاته، والمراد بكفر الإِحسان تغطيتُه أو جَحْده، كما يدل عليه آخر الحديث. قال النووي: تَوَعُّدُه على كفران العشير وكفران الإِحسان بالنار يدل على أنهما من الكبائر.
وقوله:"لو أحسنتَ إلى إحداهن الدَّهر كله" بيان للتغطية المذكورة، والدهر منصوب على الظرفية، والمراد منه مدة عمر الرجل، أو الزمان كله مبالغة في كُفرانهن، وليس المراد بقوله:"أحسنت" مخاطبة رجل بعينه، بل كل من يتأتى منه أن يكون مخاطبًا، فهو خاصٌّ لفظًا، عام معنىً، فهو على سبيل المجاز، لأن الأصل في الخطاب أن يكون خاصًّا، لكنه جاء على نحو {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ}[السجدة: ١٢] ولو هنا شرطية لا امتناعية من قبيل: نعم العبدُ صهيب لو لم يخف الله لم يعصه، فالحكم ثابت على النقيضين، والطرف المسكوت عنه أولى من المذكور.
وقوله:"ثم رأت منك شيئًا" التنوين فيه للتقليل، أي: شيئًا قليلًا لا يُوافق غرضها من أي نوع كان، أو شيئًا حقيرًا لا يعجبها.
وقوله:"قالت ما رأيت منك خيرًا قطُّ" أي: بفتح القاف، وتشديد الطاء مضمومة على الأشهر ظرف زمان لاستغراق ما مضى، وقد مضى ما فيها من اللغات في حديث:"أول ما بُدىء به رسول الله ... إلخ" في بدء الوحي.
ووقع في حديث جابر ما يدل على أن المرئي في النار من النساء من اتصف بصفات ذميمةٍ ذُكرت، ولفظه:"وأكثر من رأيت فيها من النساء اللّاتي إن اؤتِمِنَّ أفْشين، وإن سُئلن بَخِلن، وإن سألْن ألْحفن، وإن أُعطينَ لم يَشكُرن" .. الحديث.
وفي هذا الحديث من الفوائد وعظ الرئيس المرؤوس وتحريضه على