للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطاعة، ومراجعته المتعلم العالم والتابع المتبوع فيما قاله إذا لم يظهر له معناه، وجواز إطلاق الكفر على كفر النعمة وجَحْد الحق، وإن المعاصي تُنقص الإِيمان، لأنه جعله كفرًا، ولا يخرج إلى الكفر الموجب للخلود في النار، وإن إيمانهن يزيد بشكر نعمة العشير، فثبت أن الأعمال من الإِيمان، وفيه معجزةٌ ظاهرةٌ للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وما كان عليه من نُصح أمته وتعليمهم ما ينفعهم وتحذيرهم مما يَضرُّهم، وفيه أن الجنة والنار مخلوقتان موجودتان، وجواز العمل في الصلاة إذا لم يَكثُر.

وحديث ابن عبّاس هذا طرفٌ من حديث طويل أورده المصنف في باب صلاة الكسوف، ونبه هنا على فائدتين:

إحداهما: أن البخاري يذهبُ إلى جواز تقطيع الحديث إذا كان ما يفصله منه لا يتعلق بما قبله ولا بما بعده تعلقًا يُفضي إلى فساد المعنى كما هو أحد الأقوال الأربعة الآتية في الاقتصار على بعض الحديث، فصنيعه ذلك يوهم من لا يحفظ الحديث أن المختصر غير التام، لا سيما إذا كان ابتداء المختصر من أثناء التام، كما وقع في هذا الحديث، فإن أوله هنا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أُريت النار" إلى آخر ما ذكر منه، وأول التام عن ابن عباس قال: خَسَفَت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر صفة صلاة الكسوف، ثم خُطبة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيها القَدْر المذكور هنا، فمن أراد عد الأحاديث التي اشتمل عليها الكتاب يظن أن هذا الحديث حديثان أو أكثر لاختلاف الابتداء، وقد وقع في ذلك من حكى أن عدته بغير تكرار أربعة آلاف ونحوها، كابن الصلاح، والشيخ محي الدين النووي، ومن بعدهما، والحق أن عدته على التحرير ألفا حديث وخمس مئة حديث وثلاثة عشر حديثًا كما يأتي إن شاء الله تحريره في خاتمة هذا الكتاب.

الفائدة الثانية تقرر أن البخاري لا يُعيد الحديث إلا لفائدة، لكن تارة تكون في المتن، وتارة تكون في الإِسناد، وتارة فيهما، وحيث تكون في المتن خاصة لا يُعيده بصورته، بل يتصرف فيه، فإن كثرت طرقه أورد لكل باب طريقًا، وإن قلت اختصر المتن أو الإِسناد، وقد صنع

<<  <  ج: ص:  >  >>