تمكن من تعلمه، وعند أبي حنيفة وأصحابه تجب الفدية بالتطيب ناسيًا، وباللبس ناسيًا، قياسًا على الأكل في الصلاة وقد تقدم استيفاء الكلام على هذا الحديث غاية الاستيفاء في باب غسل الخلوق من أوائل الحج، إلا قوله: في آخره وعض رجل يد رجل إلخ، فإنه حديث مستقل جاء في أبواب الدية في باب إذا عض رجلًا فوقعت ثناياه، ووجه تعلقه بالباب كونه من تتمة الحديث فهو مذكور بالتبعية.
قوله:"وعض رجل يد رجل" والعاض قيل: إنه يعلى ابن أمية، ولمسلم من رواية صفوان بن يعلى أن أجيرًا ليعلي بن أمية عض رجل ذراعه فجذبها، والظاهر أن المعضوض أجير يعلى، وأن العاض يعلى، ولا ينافيه.
قوله: في الصحيحين كان لي أجير فقاتل إنسانًا لأنه يجوز أن يكنى عن نفسه ولا يبين للسامعين أنه العاض استحياء على نفسه، كما قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- إمرأة من نسائه فقال لها عروة: ومن هي؟ ألا أنت فضحكت.
وقوله:"فانتزع ثنيته" واحدة الثنايا من السن.
وقوله: فأبطله النبي -صلى الله عليه وسلم-أي: جعله هدرًا لا دية فيه لأنه جذبها دفعًا للصائل، زاد في الدية يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل لا دية له، وعند مسلم من رواية ابن سيرين، فقال: ما تأمرني أتأمرني أن آمره أن يدع يده في فيك تقضمها قضم الفحل، ادفع يدك حتى يقضمها ثم انزعها، وعند أبي نعيم في المستخرج من الوجه الذي أخرجه مسلم إن شئت أمرناه فعض يدك ثم انتزعها أنت، وقد أخذ بظاهر هذه القصة الجمهور فقالوا لا يلزم المعضوض قصاص ولا دية لأنه في حكم الصائل، واحتجوا أيضًا بالإجماع بأن من شهر على آخر سلاحًا ليقتله، فدفع عن نفسه فقتل الشاهر أنه لا شيء عليه، فكذا لا يضمن سنه بدفعه إياه عنها، قالوا ولو جرحه المعضوض في موضع آخر لم يلزمه شيء، وشرط الإهدار أن يتألم المعضوض وأن لا يمكنه تخليص يده بغير ذلك من ضرب في شدقيه، أو فك لحييه ليرسلها ومهما أمكن التخليص بدون ذلك فعدل عنه إلى الأثقل لم يهدر، وعند الشافعية وجه أنه يهدر على الإطلاق، ووجه أنه لو دفعه بغير ذلك ضمن، وعن مالك روايتان أشهرهما يجب الضمان، وأجابوا عن هذا الحديث باحتمال أن يكون سبب الإندار شدة العض لا النزع، فيكون سقوط ثنية العاض بفعله لا بفعل المعضوض، إذ لو كان من فعل صاحب اليد لأمكنه أن يخلص يده من غير قلع، ولا يجوز الدفع بالأثقل مع إمكان الأخف، وقال بعض المالكية: العاض قصد العضو نفسه، والذي استحق في إتلاف ذلك العضو غير ما فعل به فوجب أن يكون كل منهما ضامنًا ما جناه على الآخر، كمن قلع عين رجل فقطع الآخر يده وتعقب بأنه قياس في مقابل النص، فهو فاسد وقال بعضهم: لعل أسنانه كانت تتحرك فسقطت عقب