العقلية فإذا ادعى الربوبية وهو ناقص الخلقة، والإله يتعالى عن النقص علم أنه كاذب، وزاد مسلم في رواية يونس، والترمذي في رواية معمر قال الزهري: فأخبرني عمرو بن ثابت الأنصاري أنه أخبره بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال يومئذ للناس وهو يحذرهم:"تعلمون أنه لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت"، وعند ابن ماجه نحو هذه الزيادة من حديث أبي أمامة وعند البزار عن عبادة بن الصامت وفيه تنبيه على أن دعواه الربوبية كذب، لأن رؤية الله تعالى مقيدة بالموت، والدجال يدعى أنه الله، ويراه الناس مع ذلك، وفي هذا الحديث رد على من يزعم أنه يرى الله تعالى في اليقظة، تعالى الله عن ذلك، ولا يرد على ذلك رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- له ليلة الإسراء، لأن ذلك من خصائصه عليه الصلاة والسلام، فأعطاه الله تعالى في الدنيا القوة التي ينعم بها على المؤمنين في الآخرة، وأخرج البخاري عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"أعور العين اليمنى كأنها عنبة طافية".
وقوله:"أعور العين اليمنى" في رواية غير أبي ذر أعور عين اليمنى بغير ألف ولام، ومثله في رواية الطبراني، وفي رواية لابن عمر في رؤيته عليه الصلاة والسلام لعيسى بن مريم في النوم، قال: ثم ذهبت التفت فإذا رجل جسيم أحمر، جعد الرأس، أعور العين، كأنه عينه عنبة طافية فقالوا: هذا الدجال، وفي رواية مالك: جعد قطط أعور، وفي رواية حنظلة: ورأيت وراءه رجلًا أحمر، جعد الرأس، أعور العين اليمنى، ففي هذه الطرق أنه أحمر، وفي حديث عبد الله بن مغفل عند الطبراني: أنه آدم جعد، فيمكن أن تكون أدمته صافية ولا ينافي أن يوصف مع ذلك بالحمرة لأن كثيرًا من الأدم قد تحمر وجنته.
وقوله:"عنبة طافية" بياء غير مهموز أي: بارزة ولبعضهم بالهمز أي ذهب ضوءها قال القاضي عياض: رويناه عن الأكثر بغير همز، وهو الذي صححه الجمهور، وجزم به الأخفش ومعناه أنها ناتئة نتوء حبة العنب بين أخواتها، قال: وضبطه بعض الشيوخ بالهمز وأنكره بعضهم ولا وجه لإِنكاره فقد جاء في آخر أنه ممسوح العين مطموسة وليست جحراء ولا ناتئة، وهذه صفة حبَّة العنب إذا سأل ماؤها وهو يصحح رواية الهمز، والحديث المذكور عند أبي داود يوافقه حديث عبادة بن الصامت، ولفظه:"رجل قصير أفحج" بفاء ساكنة، ثم مهملة مفتوحة ثم جيم من الفحج، وهو تباعد ما بين الساقين، أو الفخذين، وقيل تداني صدور القدمين مع تباعد العقبين، وقيل: هو الذي في رجله اعوجاج، وفي الحديث المذكور جعد أعور مطموس العين، ليست بناتئة بنون ومثناة، ولا جحراء بفتح الجيم وسكون المهملة ممدود أي: عميقة وبتقديم الحاء أي: ليست متصلبة، وفي حديث عبد الله بن مغفل ممسوح العين، وفي حديث سمرة مثله وكلاهما عند الطبراني، ولكن في حديثهما أعور العين اليسرى، ومثله لمسلم في حديث حذيفة، وهذا بخلاف قوله في الحديث السابق أعور العين اليمنى، وقد اتفقا عليه من حديث ابن عمر، فيكون أرجح، وإلى ذلك أشار ابن عبد البر، لكن جمع بينهما