له: رأيتُه يأمُر بمكارم الأخلاق، ويقول كلامًا ما هو بالشعر، فقال: ما شَفَيْتني، فَتَزَوَّد، وحمل شَنَّةً فيها ماءٌ حتى قَدِم مكة، فأتى المسجد فالتَمَس النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وهو لا يعرفه، وكره أن يَسأل عنه حتى أدركه الليل فاضطجع فرآه عليٌّ فَعَرف أنه غريب فقال له: انطلق معي إلى المنزل، فانطلق معه لا يسألُ واحدٌ منهما صاحبه عن شيء حتى أصبح، ثم احْتمل قربَتَه وزادهُ إلى المسجد، وظل ذلك اليوم ولا يرى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حتى أمْسَى، فعاد إلى مَضْجعه، فمر به عليٌّ فقال: أما آن للرجل أن يعرف مَنزله؟ فأقامه، فذهب به معه لا يسأل أحدٌ منهما صاحِبَه عن شيء حتى إذا كان. اليوم الثالث فعل مثل ذلك، فأقامه فقال: ألا تُحدِّثني ما الذي أقْدَمك: قال: إنْ أعطيتني عهدًا وميثاقًا أن تُرشدني فَعَلتُ، ففعل فأخبره، فقال: إنه حق وإنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا أصبحتَ فاتَّبِعني إن رأيت شيئًا أخافُهُ عليك قمتُ كأنى هَريق الماء فإن مضيت فاتَّبِعني حتى تدخل مَدْخَلي، ففعل فانطلق يَقْفُوه حتى دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - ودخل معه وسمع من قوله فأسلم مكانه، فقال له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ارجع إلى قومك فأخْبرهم حتى يأتيك أمري، فقال: والذي نفسي بيده لأصْرخَنَّ بها بين ظَهرانِيهم، فخرج حتى أتى المسجد فنادى بأعلى صوته: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسولُه. فقام القوم إليه فضربوه حتى أضْجعُوه، وأتى العباس فأكَبَّ عليه وقال: ويلكم، ألستم تعلمون أنه من غِفار وأنه طريق تجارتكم إلى الشّام، فأنْقذه مِنهُم ثمَّ عاد من الغد لمثْلها، فضربوه وثاروا عليه، فأكَبَّ العباس عليه أيضًا، حتى أنْقذهُ منهم.
هذه إحدى الطريقتين، وعند مسلم من طريق عبد الله بن الصامت عن أبي ذرٍّ في قصة إسلامه، وفي أوَّله: صَلَّيْت قبل أنْ يُبعَث النبي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث سنِين لله تعالى، أتوجَّه حيثُ وجّهني ربّي أصلي عشاء حتى إذا كان من آخر الليل، أُلقيتُ كأني خفاء حتى تعلو في الشمس والخفاء كالكِساء زنَةً ومعنىً.
قال وكنا نزلنا مع أُمنا على خال لنا، فأتاه رجل، فقال له: إن أُنيسًا