مُنبِّه وأمُّه سُميّة أمَة للحارث بن كَلَدة، وهو أخو زياد لأُمِّه، ولما استلحقه معاوية، ورضي بذلك، آلى أبو بكرة يمينا أنْ لا يكلمه أبدًا، وقال: هذا زَنّى أمَّه، وانتفى من أبيه، لا والله ما علمت سُمَيّة رأت أبا سُفيان قط، وَيْله ما يصنع بأم حَبِيبة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ أيريد أن يراها، فإن حجبته فضحته وإن رآها فيا لها مصيبة يهتِك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حُرْمةً عظيمة.
وحج زياد في زمن معاوية، ودخل المدينة فأراد الدخول على أم حبيبة، ثم ذكر قول أبي بكرة فانصرف عن ذلك، وقيل: إنها حجبته ولم تأذن له في الدخول عليها. وقيل: إنه حج ولم يزُر من أجل قول أبي بكرة، وقال: جزى الله أبا بكرة خيرًا فما يَدَعُ النصيحة على حال.
وأبو بكرة ممن نزل يوم الطائف إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حصن الطائف في بَكْرة، فكُنّي من أجل ذلك بأبي بَكْرة، وأعتقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو معدود في مواليه، وكان من فضلاء الصحابة وصالحيهم. كان مثل النَّصْل من العبادة حتى مات.
وقال الحسن البَصْريّ: لم يترك البصرة من الصحابة ممن سكنها أفضل من عِمران بت حُصَين وأبي بَكرة، وكان أولاده أشرافًا بالبصرة بالولايات والعلم، وله عَقيبٌ كثير.
كان قد شهد على المُغيرة في ثلاثة، ونَكَلَ زياد، والثلاثة هم: هو ونافع بن الحارث وشِبل بن مَعْبد وحَدَّهم عمر - رضي الله عنه - إذ لم تتم شهادتهم، ولم يجلد زيادًا لأنه نكل، ثم استتابهُم، فتاب الاثنان، فجازت شهادتهما، وأبى أبو بَكرة أن يَتوب، وقال لعمر، لما قال له: تُبْ لتقبل شهادتك: إنما تَسْلبُني لتقبل شهادتي؟ قال: أجل، قال: لا جَرَم، لا أشهد بين اثنين ابدًا ما بقيت في الدنيا.
قال سعيد بن المُسيِّب: وكان أفضل القوم، وقال العجليّ: كان من خيار الصحابة وعن الحسن البصري قال: مرّ أنس بن مالك وقد بعثه زياد