عن الأعْمش: رأيتَ أنس بن مالك، وما منعني أن أسمع منه إلا استغنائي بأصحابي. وقال الكُدَيْميّ: حدثنا عُبيد الله عن الأعْمش، قال: ما سمعت من أنس إلا حديثًا واحدًا، سمعته يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "طلبُ العلم فريضة على كل مُسلم" لكن الكُدَيْمي ضعيف. وقال أحمد ابن عبد الجبار العُطارِديّ عن ابن فُضَيْل عن الأعْمش قال: رأيتُ أنسًا بال فغسل ذكره غسلًا شديدًا، ثم مسح على خُفَّيه، وصلّى بنا، وحدثنا في بيته، ولكن العُطارديّ مضعف. وقال الخلِيلِيّ: رأى أنسًا، ولم يُرْزق السماع منه، وما يرويه عن أنس ففيه إرسال، وقول ابن المُنادي الذي سلف: أن الأعْمش أخذ برِكاب أبي بَكرة الثّقفي غلط فاحش، لأن الأعْمش وُلد سنة إحدى وستين، أو سنة تسع وخمسين على الخُلْف في ذلك، وأبو بكرة مات سنة إحدى أو اثنتين وخمسين، فكيف يتهيّأ أن يأخذ بركاب من مات قبل مولده بعشر سنين أو نحوها؟! وكأنه كان والله تعالى أعلم أخذ بركاب ابن أبي بَكْرة، فسقط ابن، وثبت الباقي، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وقد رأى أنسًا بمكة وواسط، وروى عنه شبيهًا بخمسين حديثًا، ولم يسمع منه إلا أحرفًا معدودة، وكان مدلسًا أخرجناه في التابعين لأن له حفظًا ويقينًا، وإن لم يصح له سماع المسند من أنس. وقال أبو بكر البزار: لم يسمع من أبي سُفيان شيئًا، وقد روى عنه نحو مئة حديث، وإنما هي صحيفة عرفت، وذكر الخطيب عن بعض الحُفاظ أنه يُدلس عن غير الثقة بخلاف سُفيان، فإنه إنما يدلس عن الثقة.
كان رضي الله عنه لطيف الخلق مزّاحًا، جاءه يومًا بعض أصحاب الحديث ليسمعوا منه، فخرج إليهم، وقال: لولا أن بالبيت من هو أبغض إليّ منكم ما خرجت إليكم، وجرى بينه وبين زوجته يومًا كلام، فدعا رجلًا ليصلح بينهما، فقال لها الرجل: لا تنظري إلى عَمَش عينيه وحُموشة ساقيه، فإنه إمام له قدر، فقال له: أخزاك الله، ما أردت إلا أن تُعرِّفها عيوبي.