غير كامل، بل عبر بأن فيه خصلة، ووجود خصلة فيه لا يستلزم تسميته منافقا، فتأمل.
ثم بيَّن الثلاث فقال: إذا حَدَّث كَذَب، أي أخْبر عنه بخلاف ما هو به، قاصدًا الكذب، وقد حكى ابن التين عن مالك أنه سُئل عمن جُرِّب عليه الكذب، فقال: أي نوع من الكذب؟ لعله حدّث عن عيش له سلف، فبالغ في وصفه، فهذا لا يضر، وإنما يضر من حدّث عن الأشياء بخلاف ما هي عليه قاصدًا الكذب.
وقوله: وإذا وعد أخلف أي: لم يَف بوعده. قال في المُحْكم: يقال وَعَدْتُه خيرًا، ووعدته شرًا، فإذا أسقطوا المفعول، قالوا في الخير: وَعَدته، وفي الشر: أوْعَدْتُه. وحكى ابن الأعرابي: أوعدته خيرًا بالهمز، والمراد بالوعد في الحديث الوعد بالخير، وأما الشر فيُستحب إخلافه، وقد يجب. وهو من عطف الخاص على العام، لأن الوعد نوعٌ من التحديث، وكان داخلًا في قوله وإذا حدّث، ولكنه أفرده بالذِّكر معطوفًا تنبيهًا على زيادة قُبْحه.
فإن قلت الخاص إذا عطف على العام لا يخرج من تحت العام، وحينئذ تكون اثنتين لا ثلاثًا، أُجيب بأنه لازم الوعد الذي هو الإِخلاف الذي قد يكون فعلا، ولازم التحديث الذي هو الكذب لا يكون فعلا، متغايران، فبهذا الاعتبار كان الملزومان متغايرين، وإخلاف الوعد لا يقدح إلا إذا كان العزمُ عليه مُقارِنا للوعد، أما لو كان عازمًا ثم عَرَض له مانع، أو بدا له رأي، فهذا لم توجد منه صورة النفاق، قاله الغزاليّ.
وفي الطبرانيّ من حديث سَلْمان، ما يشهد له: إذا وعد وهو يحدث نفسه أنّه يُخلف، وكذا في باقي الخِصال. وإسناده لا بأس به. وهو عند أبي داود والتِّرمذيّ من حديث زيد بن أرْقم بلفظ "إذا وَعَد الرجل أخاه ومن نيَّتِه أن يفي له فلم يَفِ فلا إثم عليه"، وقوله: وإذا ائتمن خان، أي: بأن يتصرف فيها على خلاف الشرع.