للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو حاتم وأبو زُرعة وابن مَعين: هو أحفظ من شُعبة. وقال ابن المَدينيّ: قلتُ ليحيى بن سعيد: أيُّهما أحبُّ إليك؟ رأيُ سفيان أو رأي مالك؟ قال: سفيان، لا شك. فحق هذا سفيان فوق مالك في كل شيء.

وقال صالح بن محمَّد: سفيان ليس يَقدُمُه أحد عندي في الدنيا، وهو أحفظ وأكثر حديثًا من شُعبة، يبلغ حديثه ثلاثين ألفا، وقال مالك: كانت العراق تَجيشُ علينا بالدّراهم والثّياب، ثم صارت تَجيش علينا بالعلم مُنذ جاء سُفيان. وقال أبو إسحاق الفَزّاريّ: لو خُيّرتُ لهذه الأُمّة لما اخترت لها إلا سفيان. وقال ابن معين: مُرسَلاتُه شِبه الريح، وكذا قال أبو داود، قال: ولو كان عنده شيء لصاح به. وقال ابن المبارك: حدث سفيان بحديثٍ فجئْتُه وهو يُدلِّسه، فلما رآني استحيى وقال: نرويه عنك.

وروى المَسْعوديّ عن القَعْقاع بن حَكيم أنه قال: كنت عند المَهديّ وأتى سُفيان الثَّوريّ، فلما دخل عليه سلّم تسليم العامة، ولم يسلِّم بالخلافة، والرَّبيع قائم على رأسه، متكىءٌ على سيفه يرقب أمره، فأقبل عليه المَهْديّ بوجه طَلْق، وقال له: يا سفيان تَفِرُّ منا ها هنا وها هنا، وتظن أننا إن أردناك بسوء لم نقدر عليك، فقد قدرنا عليك الآن، أفما تخشى أن نحكم فيك بهوانا؟ فقال له سفيان: إن تحكم فيّ يحكم فيك ملكٌ قادر يفرّق بين الحق والباطل. فقال له الربيع: يا أمير المؤمنين، ألهذا الجاهل أنْ يستقبلك بمثل هذا؟ ائذنْ لي أنا أضرب عنقه، فقال له المَهديّ: ويلك! رهل يريد هذا وأمثاله إلا أن نقتلهم فنشقى بسعادتهم؟ اكتبوا عهده على قضاء الكوفة على أن لا يعترض عليه أحد في حكم.

فكُتب عهدُه ودُفع إليه فأخذه وخرج، ورمى به في دَجْلة، وهرب فطُلِب في كل بلد، فلم يوجد.

ولمّا امتنع من قضاء الكوفة وتولاه شَريك بن عبد الله النَّخعيّ قال الشاعر:

<<  <  ج: ص:  >  >>