للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو صالح لشُعَيْب بن حَرب المدائِنِيّ، وكان أحد السادة الأئمة الأكابر في الحفظ والدين. إني لأحْسب أنه يُجاء بسُفيان الثَّوريّ يوم القيامة حجةً من الله تعالى على خلقه، يقال لهم: لم تدركوا نَبيَّكم عليه الصلاة والسلام، ولقد أدركتم سُفيان الثّوريّ. ألا اقْتديتُم به؟ وعن قَبيصة قال: رأيتُ سُفيان الثَّوريّ في المنام فقلت له: ما فعل الله بك؟ فقال: نظرت إلى ربي عِيانًا وقال لي:

هَنيئًا رضائي عنكَ يا ابنَ سعيد

لقد كنتَ قوَّاما إذ الليلُ قد دَجى ... بِعبْرة مُشْتاق وقَلْب عَمِيد

فَدُونَكَ فاخْتر أيَّ قَصْرٍ تُريدهُ ... وَزُرني فإني عنك غيرُ بعيدِ

وقال ابن المدينيّ: لا أعلم سفيان صَحَّف في شيء قط إلا في اسم امرأة أبي عُبيد، كان يقول حَفِينة، يعني بالحاء المهملة، والصواب جَفينة بالجيم. وقال عبد الله بن داود: ما رأيت أفقه من سُفيان وقال أبو قَطَن: قال لي شُعبة: إن سُفيان سادَ الناس بالوَرَع والعِلم. وقال عبد الرزاق: بعثَ أبو جعفر الخَشّابين إلى مكة فقال: إنْ رأيتم سفيان فاصلبوه، قال: فجاء النجّارون ونَصبوا الخشب، ونودي لسفيان وإذا رأسُه في حِجْر الفُضيل بن عِياض، ورجلاه في حِجر ابن عُيينة. فقالوا: يا أبا عبد الله، اتَّق الله، ولا تُشْمت بنا الأعداء. قال: فتقدم إلى الأستار فأخذها، ثم قال: برئتْ منه إن دخلها أبو جعفر قال: فمات قبل أن يدخل مكة. وقال ابن سعد: كان ثقة مأمونًا، وكان عابدًا ثبتًا. وقال النَّسائي: هو أجَلّ من أن يقال فيه ثقة. وهو أحد الأئمة الذين أرجو أن يكون ممن جعله الله إماما للمتقين.

وقال ابن أبي ذِيب: ما رأيت أشبه بالتابعين من سُفيان. وقال زائِدة: كان أعلم الناس في أنفسنا. وقال ابن حِبان: كان من سادات الناس فقهًا وورعًا وإتقانًا. وقال الوليد بن مُسْلم: رأيته بمكة ولما يَخُطّ وَجهه بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>