أصحاب المذاهب الستة المتبوعة، المتفق على جلالته وقدره، وكثرة علومه وزهده، وصلابته في دينه، وتوثيقه وأمانته.
قال شُعْبة وابن عُيينة وأبو عاصم وابن مَعين وغير واحد من العلماء: سفيان أمير المؤمنين في الحديث. وقال ابن المبارك: كتبتُ عن ألف ومئة شيخ، ما كتبتُ عن أفضل من سُفيان، فقال له رجل: يا أبا عبد الله، رأيت سعيد بن جُبير وغيره يقول هذا، قال هو: ما أقول: ما رأيت أفضل من سُفيان. وقال وَكِيع عن سَعيد: سُفيان أحفظ منّي. وقال ابن مَهْديّ: كان وَهْبٌ يقدِّم سفيان في الحفظ على مالك.
وقال يحيى القطّان: ليس أحدٌ أحَبّ إليّ من شُعبة، ولا يَعدِله أحدٌ عندي، وإذا خالفه سُفيان أخذتُ بقول سُفيان. وقال الدُّورِيّ: رأيتُ يحيى بن مَعين لا يقدم على سفيان في زمانه أحدا في الفقه والحديث والزهد وكلِّ شيء. وقال أبو داود: ليس يختلف سفيان وشعبة في شيء إلا يظفر سفيان وقال أبو داود أيضًا: بَلَغني عن ابن مَعين قال: ما خالف أحدٌ سُفيان في شيء إلّا كان القولُ قولَ سُفيان.
وقال العجليّ: أحسن أسناد الكوفة سُفيان عن مَنصور عن إبراهيم عن عَلقمة عن عبد الله. وقال العجليّ أيضًا: كان لا يسمع شيئًا إلا حفظه. وقال الخطيب: كان إماما من أئمة المسلمين وعَلَمًا من أعلام الدين، مُجْمَعًا على إِمامته بحيث يُستغنى عن تزكيته، مع الاتقان والحفظ والمعرفة والضبط والوَرَع والزهد. وكان يقول: إذا رأيتَ القارىء مُحبَبًّا إلى جيرانه، فاعلم أنه مداهِنٌ. وقال عليّ بن الفُضيل: رأيتُ سُفيان ساجدًا حول البيت فقطعتُ سبعة أشواط قبل أن يرفع رأسه.
وقال فيه ابن عُيَينة: ما رأيتُ رجلًا أعلَمَ بالحلال والحرام من سفيان الثَّوري. وكان يقال: عمر بن الخطاب في زمنه رأسُ الناس، وبعده عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -، وبعده الشّعبيّ، وبعده سُفيان الثَّوريّ.